للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاللَّامُ فِي: لِيُرْدُوهُمْ لَامُ الْعَاقِبَةِ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالشُّرَكَاءِ الْأَصْنَامَ، أَيْ زَيَّنُوا لَهُمْ ذَلِكَ قَصْدًا لِنَفْعِهِمْ، فَانْكَشَفَ عَنْ أَضْرَارٍ جَهِلُوهَا. وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالشُّرَكَاءِ الْجِنَّ، أَيِ الشَّيَاطِينَ فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ: لِأَنَّ الْإِيقَاعَ فِي الشَّرِّ مِنْ طَبِيعَةِ الْوَسْوَاسِ لِأَنَّهُ يَسْتَحْسِنُ الشَّرَّ وَيَنْسَاقُ إِلَيْهِ انْسِيَاقَ الْعَقْرَبِ لِلَّسْعِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَى كَوْنِ مَا يَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ مُرْدِيًا وَمُلْبِسًا فَإِنَّهُمْ أَوْلِيَاؤُهُمْ لَا يَقْصِدُونَ إِضْرَارَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ لَمَّا دَعَوْهُمْ إِلَى أَشْيَاءَ هِيَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَضَارُّ كَانَ تَزْيِينُهُمْ مُعَلَّلًا بِالْإِرْدَاءِ وَالْإِلْبَاسِ وَإِنْ لَمْ يَفْقَهُوهُ بِخِلَافِ مَنْ دَعَا لِسَبَبٍ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ، وَالضَّمِيرُ لِلشُّرَكَاءِ وَالتَّعْلِيلُ لِلتَّزْيِينِ.

وَالْإِرْدَاءُ: الْإِيقَاعُ فِي الرَّدَى، وَالرَّدَى: الْمَوْتُ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الضُّرِّ الشَّدِيدِ مَجَازًا أَوِ اسْتِعَارَةً وَذَلِكَ الْمُرَادُ هُنَا.

وَلَبَّسَ عَلَيْهِ أَوْقَعَهُ فِي اللَّبْسِ، وَهُوَ الْخَلْطُ وَالِاشْتِبَاهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٤٢] ، وَفِي قَوْلِهِ: وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ [٩] . أَيْ أَنْ يَخْلِطُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ فَيُوهِمُوهُمُ الضَّلَالَ رُشْدًا وَأَنَّهُ مُرَادُ اللَّهِ مِنْهُمْ، فَهُمْ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الْأَصْنَامِ لِتُقَرِّبَهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَلَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَا يَرْضَاهُ اللَّهُ وَمَا لَا يَرْضَاهُ، وَيُخَيِّلُونَ إِلَيْهِمْ أَنَّ وَأْدَ الْبَنَاتِ مصلحَة. وَمن أقولهم: «دَفْنُ الْبُنَاهْ

مِنَ الْمَكْرُمَاهْ» (الْبُنَاهْ. وَالْمَكْرُمَاهْ. بِالْهَاءِ سَاكِنَةً فِي آخِرِهِمَا. وَأَصْلُهَا تَاءُ جَمْعِ الْمُؤَنَّثِ فَغُيِّرَتْ لِتَخْفِيفِ الْمَثَلِ) وَهَكَذَا شَأْنُ الشُّبَهِ وَالْأَدِلَّةِ الْمَوْهُومَةِ الَّتِي لَا تَسْتَنِدُ إِلَى دَلِيلٍ.

فَمَعْنَى: وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ أَنَّهُمْ يُحْدِثُونَ لَهُمْ دِينًا مُخْتَلِطًا مِنْ أَصْنَافِ الْبَاطِلِ، كَمَا يُقَالُ: وَسِّعِ الْجُبَّةَ، أَيِ اجْعَلْهَا وَاسِعَةً، وَقِيلَ: الْمُرَادُ لِيُدْخِلُوا عَلَيْهِمُ اللَّبْسَ فِي الدِّينِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ وَهُوَ دِينُ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَيِ الْحَنِيفِيَّةُ، فَيَجْعَلُوا فِيهِ أَشْيَاءَ مِنَ الْبَاطِلِ تَخْتَلِطُ مَعَ الْحَقِّ.

وَالْقَوْلُ فِي مَعْنَى: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ كَالْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ آنِفًا وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ [الْأَنْعَام: ١١٢] وَضَمِيرُ الرَّفْعِ فِي: