للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ بِصَدَقَتِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى»

. وَيَجُوزُ عَطْفُ صَلَواتِ الرَّسُولِ عَلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ مَعْمُولًا لِ عِنْدَ، أَيْ يَتَّخِذُونَ الْإِنْفَاقَ قُرْبَةً عِنْدَ صَلَوَاتِ الرَّسُولِ، أَيْ يَجْعَلُونَهُ تَقَرُّبًا كَائِنًا فِي مَكَانِ الدُّنُوِّ مِنْ صَلَوَاتِ الرَّسُولِ تَشْبِيهًا لِلتَّسَبُّبِ فِي الشَّيْءِ بِالِاقْتِرَابِ مِنْهُ، أَيْ يَجْعَلُونَ الْإِنْفَاقَ سَبَبًا لِدُعَاءِ الرَّسُولِ لَهُمْ. فَظَرْفُ (عِنْدَ) مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَيَيْنِ مَجَازِيَّيْنِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ عَطْفًا عَلَى قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ، أَيْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ دَعَوَاتِ الرَّسُولِ. أَخْبَرَ عَنِ الْإِنْفَاقِ بِاتِّخَاذِهِ دَعَوَاتِ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ يَتَوَسَّلُ بِالْإِنْفَاقِ إِلَى دَعَوَاتِ الرَّسُولِ إِذْ أُمِرَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ [التَّوْبَة: ١٠٣] .

وَجُمْلَةُ: أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ مُسْتَأْنَفَةٌ مَسُوقَةٌ مَسَاقَ الْبِشَارَةِ لَهُمْ بِقَبُولِ مَا رَجَوْهُ.

وَافْتُتِحَتِ الْجُمْلَةُ بِحَرْفِ الِاسْتِفْتَاحِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَا لِيَعِيَهَا السَّامِعُ، وَبِحَرْفِ التَّأْكِيدِ لِتَحْقِيقِ مَضْمُونِهَا، وَالضَّمِيرُ الْوَاقِعُ اسْمَ (إِنَّ) عَائِدٌ إِلَى مَا (يُنْفِقُ) بِاعْتِبَارِ النَّفَقَاتِ. وَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ، أَيْ هِيَ قُرْبَةٌ لَهُمْ، أَيْ عِنْدِ اللَّهِ وَعِنْدَ صَلَوَاتِ الرَّسُولِ. وَحُذِفَ ذَلِكَ لِدَلَالَةِ سَابِقِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. وَتَنْكِيرُ قُرْبَةٌ لِعَدَمِ الدَّاعِي إِلَى التَّعْرِيفِ، وَلِأَنَّ التَّنْكِيرَ قَدْ يُفِيدُ التَّعْظِيمَ.

وَجُمْلَةُ: سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ الْبَيَانِ لِجُمْلَةِ إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ، لِأَنَّ الْقُرْبَةَ عِنْدَ اللَّهِ هِيَ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى وَرِضْوَانُهُ، وَذَلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ. وَالْقُرْبَةُ عِنْدَ صَلَوَاتِ

الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِجَابَةُ صَلَاتِهِ. وَالصَّلَاةُ الَّتِي يَدْعُو لَهُمْ طَلَبُ الرَّحْمَةِ، فَمَآلُ الْأَمْرَيْنِ هُوَ إِدْخَالُ اللَّهِ إِيَّاهُمْ فِي رَحْمَتِهِ. وَأُوثِرَ فِعْلُ الْإِدْخَالِ هُنَا لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِلْكَوْنِ فِي الْجَنَّةِ، إِذْ كَثِيرًا مَا يُقَالُ: دَخَلَ الْجَنَّةَ. قَالَ تَعَالَى: وَادْخُلِي جَنَّتِي [الْفجْر: ٣٠] .

وَجُمْلَةُ: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ تَذْيِيلٌ مُنَاسِبٌ لِمَا رَجَوْهُ وَمَا اسْتُجِيبَ لَهُمْ. وَأُثْبِتَ بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَذَا الْخَبَرِ، أَيْ غَفُورٌ لِمَا مَضَى مِنْ كُفْرِهِمْ، رَحِيمٌ بِهِمْ يُفِيضُ النِّعَمَ عَلَيْهِمْ.