للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَوَطِئْتَنَا وَطْئًا عَلَى حَنْقٍ ... وَطْءَ الْمُقَيَّدِ نَابِتَ الْهَرْمِ

وَهُوَ أَوْفَقُ بِإِسْنَادِ الْوَطْءِ إِلَيْهِمْ.

وَالنَّيْلُ: مَصْدَرُ (يَنَالُونَ) . يُقَالُ: نَالَ مِنْهُ إِذَا أَصَابَهُ بِرُزْءٍ. وَبِذَلِكَ لَا يُقَدَّرُ لَهُ مَفْعُولٌ.

وَحَرْفُ (مِنْ) مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّبُعِيضِ الْمَجَازِيِّ الْمُتَحَقِّقِ فِي الرَّزِيَّةِ. وَرُزْءُ الْعَدُوِّ يَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَعْدَاءِ بِالْأَسْرِ، وَيَكُونُ مِنْ مَتَاعِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ بِالسَّبْيِ وَالْغُنْمِ.

وَالِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ مِنْ عُمُومِ الْأَحْوَالِ. فَجُمْلَةُ: كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَأَغْنَى حَرْفُ الِاسْتِثْنَاءِ عَنِ اقْتِرَانِهَا بِقَدْ. وَالضَّمِيرُ فِي (بِهِ) عَائِدٌ عَلَى (نَصْبٍ) وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ إِمَّا بِتَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ وَإِمَّا لِأَنَّ إِعَادَةَ حَرْفِ النَّفْيِ جَعَلَتْ كُلَّ مَعْطُوفٍ كَالْمُسْتَقِلِّ بِالذِّكْرِ، فَأُعِيدَ الضَّمِيرُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْبَدَلِ كَمَا يُعَادُ الضَّمِيرُ مُفْرَدًا عَلَى الْمُتَعَاطِفَاتِ بِ (أَوْ) بِاعْتِبَارِ أَنَّ ذَلِكَ الْمُتَعَدِّدَ لَا يَكُونُ فِي نَفْسِ الْأَمر إِلَّا وَاحِد مِنْهُ. وَمَعْنَى: كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ أَنْ يُكْتَبَ لَهُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ عَمَلٌ صَالِحٌ، أَيْ جَعَلَ اللَّهُ كُلَّ عَمَلٍ مِنْ تِلْكَ الْأَعْمَالِ عَمَلًا صَالِحًا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ عَامِلُوهُ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ فَإِنَّ تِلْكَ الْأَعْمَالَ تَصْدُرُ عَنْ أَصْحَابِهَا وَهُمْ ذَاهِلُونَ فِي غَالِبِ الْأَزْمَانِ أَوْ جَمِيعِهَا عَنِ الْغَايَةِ مِنْهَا فَلَيْسَتْ لَهُمْ نِيَّاتٌ بِالتَّقَرُّبِ بِهَا إِلَى اللَّهِ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِفَضْلِهِ جَعَلَهَا لَهُمْ قُرُبَاتٍ بِاعْتِبَارِ

شَرَفِ الْغَايَةِ مِنْهَا. وَذَلِكَ بِأَنْ جَعَلَ لَهُمْ عَلَيْهَا ثَوَابًا كَمَا جَعَلَ لِلْأَعْمَالِ الْمَقْصُودِ بِهَا الْقُرْبَةُ، كَمَا وَرَدَ أَنَّ نَوْمَ الصَّائِمِ عِبَادَةٌ.

وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى التَّذْيِيلُ الَّذِي أَفَادَ التَّعْلِيلَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. وَدَلَّ هَذَا التَّذْيِيلُ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا بِتِلْكَ الْأَعْمَالِ مُحْسِنِينَ فَدَخَلُوا فِي عُمُومِ قَضِيَّةِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ بِوَجْه الإيجاز.

[١٢١]

[سُورَة التَّوْبَة (٩) : آيَة ١٢١]

وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢١)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ، وَهُوَ انْتِقَالٌ مِنْ عِدَادِ الْكُلَفِ الَّتِي تَصْدُرُ عَنْهُمْ بِلَا قَصْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَى بَعْضِ الْكُلَفِ الَّتِي لَا تَخْلُو عَنِ اسْتِشْعَارِ مَنْ تَحِلُّ بِهِمْ بِأَنَّهُمْ