للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقَضَاءُ: التَّقْدِيرُ.

وَالْأَجَلُ: الْمُدَّةُ الْمُعَيَّنَةُ لِبَقَاءِ قَوْمٍ. وَالْمَعْنَى: لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ حُلُولُ أَجَلِهِمْ. وَلَمَّا ضُمِّنَ (قُضِيَ) مَعْنَى بَلَغَ وَوَصَلَ عُدِّيَ بِ (إِلَى) . فَهَذَا وَجْهُ تَفْسِيرِ الْآيَةِ وَسِرُّ نَظْمِهَا، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى غَيْرِهِ فِي فَهْمِهَا. وَهَذَا الْمَعْنَى مِثْلُ مَعْنَى قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [٥٨] .

وَجُمْلَةُ: فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقاءَنا إِلَخْ مُفَرَّعَةٌ عَلَى جُمْلَةِ وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ إِلَى آخِرِهَا.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ لَقُضِيَ بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ وَرُفِعَ أَجَلُهُمْ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ.

وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالضَّادِ وَنَصْبِ أَجَلُهُمْ عَلَى أَنَّ فِي (قَضَى) ضَمِيرًا عَائِدًا إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ إِلَخْ.

وَجُمْلَةُ: فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقاءَنا مُفَرَّعَةٌ عَلَى جُمْلَةِ (لَوْ) وَجَوَابِهَا الْمُفِيدَةِ انْتِفَاء أَن يَجْعَل اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ بِانْتِفَاءِ لَازِمِهِ وَهُوَ بُلُوغُ أَجَلِهِمْ إِلَيْهِمْ، أَيْ فَإِذَا انْتَفَى التَّعْجِيلُ فَنَحْنُ نَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا يَعْمَهُونَ، أَيْ نَتْرُكُهُمْ فِي مُدَّةِ تَأْخِيرِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ مُتَلَبِّسِينَ بِطُغْيَانِهِمْ، أَيْ فَرْطِ تَكَبُّرِهِمْ وَتَعَاظُمِهِمْ.

وَالْعَمَهُ: عَدَمُ الْبَصَرِ. وَإِنَّمَا لَمْ يُنْصَبِ الْفِعْلُ بَعْدَ الْفَاءِ لِأَنَّ النَّصْبَ يَكُونُ فِي جَوَابِ النَّفْيِ الْمَحْضِ، وَأَمَّا النَّفْيُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ (لَوْ) فَحَاصِلٌ بِالتَّضَمُّنِ، وَلِأَنَّ شَأْنَ جَوَابِ النَّفْيِ

أَنْ يَكُونَ مُسَبَّبًا عَلَى الْمَنْفِيِّ لَا عَلَى النَّفْيِ، وَالتَّفْرِيعُ هُنَا عَلَى مُسْتَفَادٍ مِنَ النَّفْيِ. وَأَمَّا الْمَنْفِيُّ فَهُوَ تَعْجِيلُ الشَّرِّ فَهُوَ لَا يُسَبِّبُ أَنْ يَتْرُكَ الْكَافِرِينَ يَعْمَهُونَ، وَبِذَلِكَ تَعْرِفُ أَنَّ قَوْلَهُ:

فَنَذَرُ لَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى كَلَامٍ مُقَدَّرٍ وَإِنَّمَا التَّقْدِيرُ تَقْدِيرُ مَعْنًى لَا تَقْدِيرُ إِعْرَابٍ، أَيْ فَنَتْرُكُ الْمُنْكِرِينَ لِلْبَعْثِ فِي ضَلَالِهِمُ اسْتِدْرَاجًا لَهُمْ.

وَقَوْلُهُ: فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي قَوْلِهِ: وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [١٥] . وَالطُّغْيَانُ: الْكُفْرُ.