للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقِطَعُ- بِفَتْحِ الطَّاءِ- فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ: جَمْعُ قِطْعَةٍ، وَهِيَ الْجُزْءُ مِنَ الشَّيْءِ، سُمِّيَ قِطْعَةً لِأَنَّهُ يُقْتَطَعُ مِنْ كُلٍّ غَالِبًا، فَهِيَ فِعْلَةٌ بِمَعْنَى مُفَعْوِلَةٍ نُقِلَتْ إِلَى الِاسْمِيَّةِ. وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ قِطَعاً بِسُكُونِ الطَّاءِ. وَهُوَ اسْمٌ لِلْجُزْءِ مِنْ زَمَنِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، قَالَ تَعَالَى: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ [هود: ٨١] .

وَقَوْلُهُ: مُظْلِماً حَالٌ مِنَ اللَّيْلِ. وَوَصْفُ اللَّيْلِ وَهُوَ زَمَنُ الظُّلْمَةِ بِكَوْنِهِ مُظْلِمًا لِإِفَادَةِ تَمَكُّنِ الْوَصْفِ مِنْهُ كَقَوْلِهِمْ: لَيْلٌ أَلْيَلُ، وَظِلٌّ ظَلِيلٌ، وَشِعْرٌ شَاعِرٌ، فَالْمُرَادُ مِنَ اللَّيْلِ الشَّدِيدِ الْإِظْلَامِ بِاحْتِجَابِ نُجُومِهِ وَتَمَكُّنِ ظُلْمَتِهِ. وشبهت قَتَرَةُ وُجُوهِهِمْ بِظَلَامِ اللَّيْلِ.

وَجُمْلَةُ: أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ هِيَ كَجُمْلَةِ: أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [يُونُس: ٢٦] .

[٢٨، ٢٩]

[سُورَة يُونُس (١٠) : الْآيَات ٢٨ إِلَى ٢٩]

وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ (٢٨) فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ (٢٩)

هَذِهِ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ [يُونُس: ٢٧] بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا مَعْطُوفَةً عَلَى جُمْلَةِ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى [يُونُس: ٢٦] فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ فِي الْجُمْلَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ كُلُّ فَرِيقٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْجَزَاءِ وَسِمَاتِهِ جَاءَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ

بِإِجْمَالِ حَالَةٍ جَامِعَةٍ لِلْفَرِيقَيْنِ ثُمَّ بِتَفْصِيلِ حَالَةٍ يَمْتَازُ بِهَا الْمُشْرِكُونَ لِيَحْصُلَ بِذَلِكَ ذِكْرٌ فَظِيعٌ مِنْ أَحْوَالِ الَّذِينَ بَلَغُوا الْغَايَةَ فِي كَسْبِ السَّيِّئَاتِ، وَهِيَ سَيِّئَةُ الْإِشْرَاكِ الَّذِي هُوَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ، وَبِذَلِكَ حَصَلَتِ الْمُنَاسَبَةُ مَعَ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا الْمُقْتَضِيَةِ عَطْفَهَا عَلَيْهَا.

وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْخَبَرِ هُوَ ذِكْرُ حَشْرِهِمْ جَمِيعًا، ثُمَّ مَا يَقَعُ فِي ذَلِكَ الْحَشْرِ مِنِ افْتِضَاحِ الَّذِينَ أَشْرَكُوا، فَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ، وَنَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا. وَإِنَّمَا زِيدَ لَفْظُ يَوْمَ