للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلَى جملَة: هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ فَتَكُونَ مِنْ تَمَامِ التَّذْيِيلِ، وَيَكُونَ ضَمِيرُ (رُدُّوا) عَائِدًا إِلَى (كُلُّ نَفْسٍ) . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلَى قَوْلِهِ ويَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً [يُونُس: ٢٨] الْآيَةَ فَلَا تَتَّصِلَ بِالتَّذْيِيلِ، أَيْ وَنَرُدُّهُمْ إِلَيْنَا، وَيَكُونَ ضَمِيرُ (رُدُّوا) عَائِدًا إِلَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا خَاصَّةً. وَالْمَعْنَى تَحَقَّقَ عِنْدَهُمْ الْحَشْرُ الَّذِي كَانُوا يُنْكِرُونَهُ. وَيُنَاسِبُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ: مَوْلاهُمُ الْحَقِّ فَإِنَّ فِيهِ إِشْعَارًا بِالتَّوَرُّكِ عَلَيْهِمْ بِإِبْطَالِ مَوَالِيهِمُ الْبَاطِلَةِ.

وَالرَّدُّ: الْإِرْجَاعُ. وَالْإِرْجَاعُ إِلَى اللَّهِ الْإِرْجَاعُ إِلَى تَصَرُّفِهِ بِالْجَزَاءِ عَلَى مَا يُرْضِيهِ وَمَا لَا يُرْضِيهِ وَقَدْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ حِينَ كَانُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مُمْهَلِينَ غَيْرَ مُجَازِينَ.

وَالْمَوْلَى: السَّيِّدُ، لِأَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِهِ وَلَاءُ عَهْدِ الْمِلْكِ. وَيُطْلَقُ عَلَى مُتَوَلِّي أُمُورِ غَيره وموفر شؤونه.

وَالْحَقُّ: الْمُوَافِقُ لِلْوَاقِعِ وَالصِّدْقِ، أَيْ رُدُّوا إِلَى الْإِلَهِ الْحَقِّ دُونَ الْبَاطِلِ. وَالْوَصْفُ بِالْحَقِّ هُوَ وَصْفُ الْمَصْدَرِ فِي مَعْنَى الْحَاقِّ، أَيِ الْحَاقِّ الْمَوْلَوِيَّةَ، أَيْ دُونَ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ زَعَمُوهُمْ بَاطِلًا.

وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْمُشْرِكِينَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.

وَالضَّلَالُ: الضَّيَاعُ.

وَمَا كانُوا يَفْتَرُونَ مَا كَانُوا يَكْذِبُونَ مِنْ نِسْبَتِهِمُ الْإِلَهِيَّةَ إِلَى الْأَصْنَامِ، فَيَجُوزُ أَنْ يكون مَا صدق (مَا) الْمَوْصُولَةِ الْأَصْنَامَ، فَيَكُونَ قَدْ حُذِفَ الْعَائِدُ مَعَ حَرْفِ الْجَرِّ بِدُونِ أَنْ يُجَرَّ الْمَوْصُولُ بِمِثْلِ مَا جُرَّ بِهِ الْعَائِدُ وَالْحَقُّ جَوَازُهُ، فَالتَّقْدِيرُ: مَا كَانُوا يَكْذِبُونَ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ. وَضَلَالُهُ: عَدَمُ وُجُودِهِ عَلَى الْوَصْفِ الْمَزْعُومِ لَهُ.