للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحُسْنِ الْعَاقِبَةِ أَمْرٌ ثَابِتٌ لَا يَتَخَلَّفُ لِأَنَّهُ مِنْ كَلِمَاتِ اللَّهِ، وَقَدْ نُفِيَ التَّبْدِيلُ بِصِيغَةِ التَّبْرِئَةِ الدَّالَّةِ عَلَى انْتِفَاءِ جِنْسِ التَّبْدِيلِ.

وَالتَّبْدِيلُ: التَّغْيِيرُ وَالْإِبْطَالُ، لِأَنَّ إِبْطَالَ الشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ إِيجَادَ نَقِيضِهِ.

وكَلِماتِ اللَّهِ

الْأَقْوَالُ الَّتِي أَوْحَى بِهَا إِلَى الرَّسُولِ فِي الْوَعْدِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ عُمُومِ كَلِماتِ اللَّهِ

وَعُمُومِ نَفْيِ التَّبْدِيلِ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ تَبْدِيلٌ مَنْفِيٌّ مِنْ أَصْلِهِ.

رُوِيَ أَنَّ الْحَجَّاجَ خَطَبَ فَذَكَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَدَّلَ كِتَابَ اللَّهِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ حَاضِرًا فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: لَا تُطِيقُ ذَلِكَ أَنْتَ وَلَا ابْنُ الزُّبَيْرِ: تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ.

وجملةلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

مُؤَكدَة لجملةهُمُ الْبُشْرى

وَمُقَرِّرَةٌ لِمَضْمُونِهَا فَلِذَلِكَ فُصِلَتْ.

وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى الْمَذْكُورِ مِنْ مَضْمُونِ الْجُمَلِ الثَّلَاثِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَاخْتِيَارُ اسْمِ الْإِشَارَةِ لِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِمَا ذُكِرَ، وَفِيهِ كَمَالُ تَمْيِيزٍ لَهُ لِزِيَادَةِ تَقْرِيرِ مَعْنَاهُ. وَذُكِرَ ضَمِيرُ الْفَصْلِ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ لِزِيَادَةِ التَّأْكِيدِ وَلِإِفَادَةِ الْقَصْرِ، أَيْ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لَا غَيْرُهُ مِمَّا يَتَقَلَّبُ فِيهِ الْمُشْرِكُونَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ رِزْقٍ وَمَنَعَةٍ وَقُوَّةٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ فَوْزًا إِذَا عَاقَبَتْهُ الْمَذَلَّةُ وَالْإِهَانَةُ فِي الدُّنْيَا وَبَعْدَهُ الْعَذَابُ الْخَالِدُ فِي الْآخِرَةِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ [آل عمرَان:

١٩٦، ١٩٧] .

[٦٥]

[سُورَة يُونُس (١٠) : آيَة ٦٥]

وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٥)

الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يُونُس: ٦٢] عَطْفَ الْجُزْئِيِّ عَلَى الْكُلِّيِّ لِأَنَّ الْحُزْنَ الْمَذْكُورَ هُنَا نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْحُزْنِ الْمَنْفِيِّ فِي قَوْلِهِ: وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يُونُس: ٦٢] ، وَلِأَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الَّذِينَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ