للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَ (ثُمَّ) فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ لِلتَّرَاخِي فِي الرُّتْبةِ، فَإِنَّ رُتْبَةَ إِنْفَاذِ الرَّأْي بِمَا يَزْعمُونَ عَلَيْهِ مِنْ أَذَاهُ أَقْوَى مِنْ تَدْبِيرِ ذَلِكَ، وَمِنْ رُتْبَةِ إِجْمَاعِ الرَّأْيِ عَلَيْهِ فَهُوَ ارْتِقَاءٌ مِنَ الشَّيْءِ إِلَى أَعْلَى مِنْهُ، فَعُطِفَ بِ (ثُمَّ) الَّتِي تُفِيدُ التَّرَاخِي فِي الرُّتْبَةِ فِي عَطْفِهَا الْجُمَلَ.

واقْضُوا أَمْرٌ مِنَ الْقَضَاءِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْقَضَاءِ بِمَعْنَى الْإِتْمَامِ وَالْفَصْلِ، أَيِ أَنْفِذُوا مَا تَرَوْنَهُ مِنَ الْإِضْرَارِ بِي. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْقَضَاءِ بِمَعْنَى الْحُكْمِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، أَيْ أَنْفِذُوا حُكْمَكُمْ.

وَعُدِّيَ بِ (إِلَى) دُونَ (عَلَى) لِأَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى الْإِبْلَاغِ وَالْإِيصَالِ تَنْصِيصًا عَلَى مَعْنَى التَّنْفِيذِ بِالْفِعْلِ، لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَكُونُ بِالْقَوْلِ فَيَعْقُبُهُ التَّنْفِيذُ أَوِ الْإِرْجَاءُ أَوِ الْعَفْوُ، وَيَكُونُ بِالْفِعْلِ، فَهُوَ قَضَاءٌ بِتَنْفِيذٍ. وَيُسَمَّى عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِالْقَضَاءِ الْفِعْلِيِّ.

وَقَوْلُهُ: وَلا تُنْظِرُونِ تَأْكِيد الْمَدْلُول التَّضْمِينِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِحَرْفِ (إِلَى) . وَالْإِنْظَارُ

التَّأْخِيرُ، وَحُذِفَتْ يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ تُنْظِرُونِ لِلتَّخْفِيفِ، وَهُوَ حَذْفٌ كَثِيرٌ فِي فَصِيحِ الْكَلَامِ، وَبَقَاءُ نُونِ الْوِقَايَةِ مشْعر بهَا.

[٧٢]

[سُورَة يُونُس (١٠) : آيَة ٧٢]

فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٧٢)

الْفَاءُ لِتَفْرِيعِ الْكَلَامِ عَلَى الْكَلَامِ فَجُمْلَةُ الشَّرْطِ وَجَوَابُهُ مُفَرَّعَتَانِ عَلَى الْجُمْلَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ، وَلَمَّا كَانَ تَوَلِّيهِمْ عَنْ دَعْوَتِهِ قَدْ وَقَعَ وَاسْتَمَرَّ تَعَيَّنَ أَنَّ جَعْلَ التَّوَلِّي فِي جُمْلَةِ الشَّرْطِ مُرَادٌ بِهِ مَا كَانَ حَصَلَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ جَوَابَ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ شَيْءٌ قَدْ وَقَعَ أَيْضًا.

وَإِنَّمَا قُصِدَ إِقْرَارُهُمْ بِهِ قَطْعًا لِتَعَلُّلَاتِهِمْ وَاسْتِقْصَاءً لِقَطْعِ مَعَاذِيرِهِمْ. وَالْمَعْنَى: