للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ لِلتَّعْلِيلِ، وَأَنَّ الْمَعْنَى: إِنَّكَ فَعَلْتَ ذَلِكَ اسْتِدْرَاجًا لَهُمْ، وَنُسِبَ إِلَى الْفَرَّاءِ، وَفَسَّرَ بِهِ الطَّبَرَيُّ.

الثَّانِي: أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى حَذْفِ حَرْفٍ، وَالتَّقْدِيرُ: لِئَلَّا يَضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ أَيْ فَضَلُّوا.

حَكَاهُ الْفَخْرُ.

الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّامَ لَامُ الدُّعَاءِ. رُوِيَ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ. وَاقْتُصِرَ عَلَيْهِ فِي «الْكَشَّافِ» .

وَقَالَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ. وَهُوَ أَبْعَدُ الْوُجُوهِ وَأَثْقَلُهَا.

الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ. وَالتَّقْدِيرُ: أَلِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ آتَيْنَاهُمْ زِينَةً وَأَمْوَالًا تَقْرِيرًا لِلشُّنْعَةِ عَلَيْهِمْ، قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. وَيَكُونُ الِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلًا فِي التَّعَجُّبِ، قَالَهُ الْفَخْرُ.

الْخَامِسُ: تَأْوِيلُ مَعْنَى الضَّلَالِ بِأَنَّهُ الْهَلَاكُ، قَالَهُ الْفَخْرُ. وَهِيَ وُجُوهٌ ضَعِيفَةٌ مُتَفَاوِتَةُ الضَّعْفِ فَلَا نُطِيلُ بِتَقْرِيرِهَا.

وَالزِّينَةُ: مَا يَتَزَيَّنُ بِهِ النَّاسُ، وَمَا يَحْسُنُ فِي أَنْظَارِهِمْ مِنْ طَرَائِفِ الدُّنْيَا، كَالْحُلِيِّ وَالْجَوَاهِرِ وَالْمَبَانِي الضَّخْمَةِ. قَالَ تَعَالَى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ [آل عمرَان: ١٤] وَقَالَ: الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا [الْكَهْف: ٤٦] وَقَالَ: وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ [النَّحْل: ٦] .

وَالْأَمْوَالُ: مَا بِهِ قِوَامُ الْمَعَاشِ، فَالزِّينَةُ تُلْهِيهِمْ عَنِ اتِّبَاعِ الْمَوَاعِظِ، وَتُعَظِّمُ شَأْنَهُمْ فِي أَنْظَارِ قَوْمِهِمْ، وَالْأَمْوَالُ يُسَخِّرُونَ بِهَا الرَّعِيَّةَ لِطَاعَتِهِمْ، وَقَدْ كَانَ لِلْفَرَاعِنَةِ مِنْ سَعَة الرزق ورفاعية الْعَيْشِ مَا سَارَ ذِكْرُهُ فِي الْآفَاقِ. وَظَهَرَتْ مُثُلٌ مِنْهُ فِي أَهْرَامِهِمْ وَنَوَاوِيسِهِمْ.

وَأُعِيدَ النِّدَاءُ بَيْنَ الْجُمْلَةِ الْمُعَلَّلَةِ وَالْجُمْلَةِ الْمُعَلِّلَةِ لِتَأْكِيدِ التَّذَلُّلِ وَالتَّعَرُّضِ لِلْإِجَابَةِ وَلِإِظْهَارِ التَّبَرُّؤِ مِنْ قَصْدِ الِاعْتِرَاضِ.

وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَابْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَيَعْقُوبُ لِيُضِلُّوا بِفَتْحِ الْيَاءِ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ- بِضَمِّ الْيَاءِ- عَلَى مَعْنَى سَعْيِهِمْ فِي تَضْلِيلِ النَّاسِ.