للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَشْبَعُ لِلسَّامِعِ، فَجَاءَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى أُسْلُوبِ اسْتِيعَابِ الْقِصَّةِ تَحَدِّيًا لَهُمْ بِالْمُعَارَضَةِ.

عَلَى أَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ قَدْ طَوَتْ كَثِيرًا مِنَ الْقِصَّةِ مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ أَثَرٍ فِي الْعِبْرَةِ.

وَلِذَلِكَ تَرَى فِي خِلَالِ السُّورَةِ وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ [سُورَة يُوسُف: ٥٦] مَرَّتَيْنِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ [سُورَة يُوسُف: ٧٦] فَتِلْكَ عِبَرٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْقِصَّةِ.

وَمَا تَخَلَّلَ ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ فِي أَقْوَالِ الصَّالِحِينَ كَقَوْلِهِ: عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ [سُورَة يُوسُف: ٦٧] ، وَقَوْلِهِ: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [سُورَة يُوسُف: ٩٠] .

[١]

[سُورَة يُوسُف (١٢) : آيَة ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (١)

الر.

تقدم الْكَلَام على نظاير الر وَنَحْوهَا فِي أوّل سُورَة الْبَقَرَة.

تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ.

الْكَلَام على تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ مَضَى فِي سُورَةِ يُونُسَ. وَوُصِفَ الْكِتَابُ هُنَا بِ الْمُبِينِ وَوُصِفَ بِهِ فِي طَالِعَةِ سُورَة يُونُس بالحكيم لِأَنَّ ذِكْرَ وَصْفِ إِبَانَتِهِ هُنَا أَنْسَبُ، إِذْ كَانَتِ الْقِصَّةُ الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا هَذِهِ السُّورَةُ مُفَصَّلَةً مُبَيِّنَةً لِأَهَمِّ مَا جَرَى فِي مُدَّةِ

يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِمِصْرَ. فَقِصَّةُ يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- لَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً لِلْعَرَبِ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ إِجْمَالًا وَلَا تَفْصِيلًا، بِخِلَافِ قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ: هُودٍ، وَصَالِحٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَلُوطٍ، وَشُعَيْبٍ- عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَجْمَعِينَ-، إِذْ كَانَتْ مَعْرُوفَةً لَدَيْهِمْ إِجْمَالًا، فَلِذَلِكَ كَانَ الْقُرْآنُ مُبَيِّنًا إِيَّاهَا وَمُفَصِّلًا.