للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهِيَ مَدِينَةُ (مَنْفِيسَ) حَيْثُ كَانَ قَصْرُ الْعَزِيزِ، فَنُقِلَ الْخَبَرُ فِي بُيُوتِ الْمُتَّصِلِينَ بِبَيْتِ الْعَزِيزِ. وَقِيلَ: إِنَّ امْرَأَةَ الْعَزِيزِ بَاحَتْ بِالسِّرِّ لِبَعْضِ خَلَائِلِهَا فَأَفْشَيْنَهُ كَأَنَّهَا أَرَادَتِ التَّشَاوُرَ مَعَهُنَّ، أَوْ أَرَادَتِ الِارْتِيَاحَ

بِالْحَدِيثِ إِلَيْهِنَّ (وَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ) .

وَهَذَا الَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً [سُورَة يُوسُف: ٣١] وَقَوْلُهُ: وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ [سُورَة يُوسُف: ٣٢] .

وَالْفَتَى: الَّذِي فِي سِنِّ الشَّبَابِ، وَيُكَنَّى بِهِ عَنِ الْمَمْلُوكِ وَعَنِ الْخَادِمِ كَمَا يُكَنَّى بِالْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا. وَإِضَافَتُهُ إِلَى ضمير امْرَأَتُ الْعَزِيزِ لِأَنَّهُ غُلَامُ زَوْجِهَا فَهُوَ غُلَامٌ لَهَا بِالتَّبَعِ مَا دَامَتْ زَوْجَةٌ لِمَالِكِهِ.

وَشَغَفَ: فِعْلٌ مُشْتَقٌّ مِنِ اسْمٍ جَامِدٍ، وَهُوَ الشِّغَافُ- بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ- وَهُوَ غِلَافُ الْقَلْبِ. وَهَذَا الْفِعْلُ مِثْلَ كَبَدَهُ وَرَآهُ وَجَبَهَهُ، إِذَا أَصَابَ كَبِدَهُ وَرِئَتَهُ وَجَبْهَتَهُ.

وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي شَغَفَها لِ فَتاها. وَلِمَا فِيهِ مِنَ الْإِجْمَالِ جِيءَ بِالتَّمْيِيزِ لِلنِّسْبَةِ بِقَوْلِهِ: حُبًّا. وَأَصْلُهُ شَغَفَهَا حُبُّهُ، أَيْ أَصَابَ حُبُّهُ شِغَافَهَا، أَيِ اخْتَرَقَ الشَّغَافَ فَبَلَغَ الْقَلْبَ، كِنَايَةٌ عَنِ التَّمَكُّنِ.

وَتَذْكِيرُ الْفِعْلِ فِي وَقالَ نِسْوَةٌ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُسْنَدَ إِلَى أَلْفَاظِ الْجُمُوعِ غَيْرُ الْجَمْعِ الْمُذَكِّرِ السَّالِمِ يَجُوزُ تَجْرِيدُهُ مِنَ التَّاءِ بِاعْتِبَارِ الْجَمْعِ، وَقَرْنُهُ بِالتَّاءِ بِاعْتِبَارِ الْجَمَاعَةِ مِثْلَ وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ [سُورَة يُوسُف: ١٩] .

وَأَمَّا الْهَاءُ الَّتِي فِي آخِرِ نِسْوَةٌ فَلَيْسَتْ عَلَامَةَ تَأْنِيثٍ بَلْ هِيَ هَاءُ فِعْلَةٍ جَمْعُ تَكْسِيرٍ، مِثْلَ صِبْيَةٍ وَغَلِمَةٍ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُ تَسْمِيَةِ الَّذِي اشْتَرَى يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِاسْمِ الْعَزِيزِ عِنْدَ قَوْلِهِ

تَعَالَى: وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ [سُورَة يُوسُف: ٢١] . وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ اسْمِهِ وَاسْمِهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَفِي الْعِبْرَانِيَّةِ.