للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجَعَلَ الْبَرْقَ آيَةً نِذَارَةً وَبِشَارَةً مَعًا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ الْبَرْقَ فَيَتَوَسَّمُونَ الْغَيْثَ وَكَانُوا يَخْشَوْنَ صَوَاعِقَهُ.

وَإِنْشَاءُ السَّحَابِ: تَكْوِينُهُ مِنْ عَدَمٍ بِإِثَارَةِ الْأَبْخِرَةِ الَّتِي تَتَجَمَّعُ سَحَابًا.

وَالسَّحَابُ: اسْمُ جَمْعٍ لِسَحَابَةٍ. وَالثِّقَالُ: جَمْعُ ثَقِيلَةٍ. وَالثِّقْلُ كَوْنُ الْجِسْمِ أَكْثَرَ كَمِّيَّةِ

أَجْزَاءٍ مِنْ أَمْثَالِهِ، فَالثِّقْلُ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِ الْأَجْسَامِ، فَرُبَّ شَيْءٍ يُعَدُّ ثَقِيلًا فِي نَوْعِهِ وَهُوَ خَفِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِنَوْعٍ آخَرَ. وَالسَّحَابُ يَكُونُ ثَقِيلًا بِمِقْدَارِ مَا فِي خِلَالِهِ مِنَ الْبُخَارِ. وَعَلَامَةُ ثِقَلِهِ قُرْبُهُ مِنَ الْأَرْضِ وَبُطْءُ تَنَقُّلِهِ بِالرِّيَاحِ. وَالْخَفِيفُ مِنْهُ يُسَمَّى جَهَامًا.

وَعَطَفَ الرَّعْدَ عَلَى ذِكْرِ الْبَرْقِ وَالسَّحَابِ لِأَنَّهُ مُقَارِنُهُمَا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْوَالِ.

وَلَمَّا كَانَ الرَّعْدُ صَوْتًا عَظِيمًا جَعَلَ ذِكْرَهُ عِبْرَةً لِلسَّامِعِينَ لِدَلَالَةِ الرَّعْدِ بِلَوَازِمَ عَقْلِيَّةٍ عَلَى أَنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَمَّا يَقُولُهُ الْمُشْرِكُونَ مِنِ ادِّعَاءِ الشُّرَكَاءِ، وَكَانَ شَأْنُ تِلْكَ الدَّلَالَةِ أَنْ تَبْعَثَ النَّاظِرَ فِيهَا عَلَى تَنْزِيهِ اللَّهِ عَنِ الشَّرِيكِ جَعَلَ صَوْتَ الرَّعْدِ دَلِيلًا عَلَى تَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِسْنَادُ التَّسْبِيحِ إِلَى الرَّعْدِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ. وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَهُ اسْتِعَارَةً مَكْنِيَّةً بِأَنْ شُبِّهَ الرَّعْدُ بِآدَمِيٍّ يُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى، وَأُثْبِتَ شَيْءٌ مِنْ عَلَائِقِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ التَّسْبِيحُ، أَيْ قَوْلُ سُبْحَانَ اللَّهِ.

وَالْبَاءُ فِي بِحَمْدِهِ لِلْمُلَابَسَةِ، أَيْ يُنَزِّهُ اللَّهَ تَنْزِيهًا مُلَابِسًا لِحَمْدِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ دَالٌّ عَلَى اقْتِرَابِ نُزُولِ الْغَيْثِ وَهُوَ نِعْمَةٌ تَسْتَوْجِبُ الْحَمْدَ. فَالْقَوْلُ فِي مُلَابَسَةِ الرَّعْدِ لِلْحَمْدِ مُسَاوٍ لِلْقَوْلِ فِي إِسْنَادِ التَّسْبِيحِ إِلَى الرَّعْدِ. فَالْمُلَابَسَةُ مَجَازِيَّةٌ عَقْلِيَّةٌ أَوِ اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ.

والْمَلائِكَةُ عَطْفٌ عَلَى الرَّعْدِ، أَيْ وَتُسَبِّحُ الْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ، أَيْ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ.

ومِنْ لِلتَّعْلِيلِ، أَيْ يُنَزِّهُونَ اللَّهَ لِأَجْلِ الْخَوْفِ مِنْهُ، أَيِ الْخَوْفِ مِمَّا لَا يَرْضَى بِهِ وَهُوَ التَّقْصِيرُ فِي تَنْزِيهِهِ.