للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْحَكِيمُ الْمَوْصُوفُ بِالْحِكْمَةِ. وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ [سُورَة الْبَقَرَة: ٢٦٩] وَعِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢٠٩] .

وَ «الْعَلِيمُ» الْمَوْصُوفُ بِالْعِلْمِ الْعَامِّ، أَيِ الْمُحِيطُ. وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [١٤٠] .

وَقَدْ أُكِّدَتْ جُمْلَةُ وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ وَبِضَمِيرِ الْفَصْلِ لِرَدِّ إِنْكَارِهِمُ الشَّدِيدِ لِلْحَشْرِ. وَقَدْ أُسْنِدَ الْحَشْرُ إِلَى اللَّهِ بِعُنْوَانِ كَوْنِهِ رَبَّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْوِيهًا بشأن النبيء- عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام- لِأَنَّهُمْ كَذَّبُوهُ فِي الْخَبَرِ عَنِ الْبَعْثِ وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ [سُورَة سبأ: ٧- ٨] أَيْ فَكَيْفَ ظَنُّكَ بِجَزَائِهِ مُكَذِّبِيكَ إِذا حشرهم.

[٢٦، ٢٧]

[سُورَة الْحجر (١٥) : الْآيَات ٢٦ إِلَى ٢٧]

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٦) وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ (٢٧)

تَكْمِلَةٌ لِإِقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى انْفِرَادِهِ تَعَالَى بِخَلْقِ أَجْنَاسِ الْعَوَالِمِ وَمَا فِيهَا. وَمِنْهُ يَتَخَلَّصُ إِلَى التَّذْكِيرِ بِعَدَاوَةِ الشَّيْطَانِ لِلْبَشَرِ لِيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ مِنْهُ وَيُحَاسِبُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى مَا يُخَامِرُهَا مِنْ وَسْوَاسِهِ بِمَا يُرْدِيهِمْ. جَاءَ بِمُنَاسَبَةِ ذِكْرِ الْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ فَإِنَّ أَهَمَّ الْإِحْيَاءِ هُوَ إِيجَادُ النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ. فَفِي هَذَا الْخَبَرِ اسْتِدْلَالٌ عَلَى عَظِيمِ الْقُدْرَةِ وَالْحِكْمَةِ وَعَلَى إِمْكَانِ الْبَعْثِ، وَمَوْعِظَةٍ وَذِكْرَى. وَالْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ آدَمُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-.

وَالصَّلْصَالُ: الطِّينُ الَّذِي يُتْرَكُ حَتَّى يَيْبَسَ فَإِذَا يَبِسَ فَهُوَ صَلْصَالٌ وَهُوَ شِبْهُ الْفَخَّارِ إِلَّا أَنَّ الْفَخَّارَ هُوَ مَا يَبِسَ بِالطَّبْخِ بِالنَّارِ. قَالَ تَعَالَى: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ [سُورَة الرَّحْمَن: ١٤] .