للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفَائِدَةُ قَوْلِهِ: مِنْ قَبْلُ أَيْ مِنْ قَبْلِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ تَعْلِيمُ أَنَّ خَلْقَ الْجَانِّ أَسْبَقُ لِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ عنصر الْحَرَارَة والحرارة أَسْبَقَ مِنَ الرُّطُوبَةِ.

والسَّمُومِ- بِفَتْحِ السِّينِ-: الرِّيحُ الْحَارَّةُ. فَالْجِنُّ مَخْلُوقٌ مِنَ النَّارِيَّةِ وَالْهَوَائِيَّةِ لِيَحْصُلَ الِاعْتِدَالُ فِي الْحَرَارَةِ فَيَقْبَلَ الْحَيَاةَ الْخَاصَّةَ اللَّائِقَةَ بِخِلْقَةِ الْجِنِّ، فَكَمَا كَوَّنَ اللَّهُ الْحَمَأَةَ الصَّلْصَالَ الْمَسْنُونَ لِخَلْقِ الْإِنْسَانِ، كَوَّنَ رِيحًا حَارَّةً وَجَعَلَ مِنْهَا الْجِنَّ. فَهُوَ مُكَوَّنٌ مِنْ حَرَارَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مِقْدَارِ حَرَارَةِ الْإِنْسَانِ وَمِنْ تَهْوِيَةٍ قَوِيَّةٍ. وَالْحِكْمَةُ كُلُّهَا فِي إِتْقَانِ المزج والتركيب.

[٢٨- ٣٥]

[سُورَة الْحجر (١٥) : الْآيَات ٢٨ إِلَى ٣٥]

وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٨) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٢٩) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣١) قالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣٢)

قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٣٣) قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٣٤) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٣٥)

عَطْفُ قِصَّةٍ عَلَى قِصَّةٍ.

وإِذْ مَفْعُولٌ لِفِعْلِ (اذْكُرْ) مَحْذُوفٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي نَظَائِرِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَفِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ.

وَالْبَشَرُ مُرَادِفُ الْإِنْسَانِ، أَيْ أَنِّي خَالِقٌ إِنْسَانًا. وَقَدْ فَهِمَ الْمَلَائِكَةُ الْحَقِيقَةَ بِمَا أَلْقَى اللَّهُ فِيهِمْ مِنَ الْعِلْمِ، أَوْ أَنَّ اللَّهَ وَصَفَ لَهُمْ حَقِيقَةَ الْإِنْسَانِ بِالْمَعْنَى الَّذِي عُبِّرَ عَنْهُ فِي الْقُرْآنِ بِالْعِبَارَةِ الْجَامِعَةِ لِذَلِكَ الْمَعْنَى.