للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِأَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى تَحَرُّجِهِ مِنْ أَذَاهُمْ وَبُهْتَانِهِمْ مِنْ أَقْوَالِ الشِّرْكِ وَأَقْوَالِ الِاسْتِهْزَاءِ فَأَمَرَهُ بِالثَّبَاتِ وَالتَّفْوِيضِ إِلَى رَبِّهِ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي إِمْهَالِهِمْ، وَلِذَلِكَ افْتُتِحَتِ الْجُمْلَةُ بِلَامِ الْقَسَمِ وَحَرْفِ التَّحْقِيقِ.

وَلَيْسَ الْمُخَاطَبُ مِمَّنْ يُدَاخِلُهُ الشَّكُّ فِي خَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنَّ التَّحْقِيقَ كِنَايَةٌ عَنْ الِاهْتِمَامِ بِالْمُخْبَرِ وَأَنَّهُ بِمَحَلِّ الْعِنَايَةِ مِنَ اللَّهِ فَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [سُورَة الْحجر: ٩٥] أَوْ حَالٌ.

وَضِيقُ الصَّدْرِ: مَجَازٌ عَنْ كَدَرِ النَّفْسِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ فِي سُورَةِ هُودٍ [١٢] .

وَفُرِّعَ عَلَى جُمْلَةِ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَمْرُهُ بِتَسْبِيحِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا يَقُولُونَهُ مِنْ نِسْبَةِ

الشَّرِيكِ، أَيْ عَلَيْكَ بِتَنْزِيهِ رَبِّكَ فَلَا يَضُرُّكَ شِرْكُهُمْ. عَلَى أَنَّ التَّسْبِيحَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَاهُ الْكِنَائِيِّ مَعَ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ فَيُفِيدُ الْإِنْكَارَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِيمَا يَقُولُونَ، أَيْ فَاقْتَصِرْ فِي دَفْعِهِمْ عَلَى إِنْكَارِ كَلَامِهِمْ. وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا [سُورَة الْإِسْرَاء: ٩٣] .

وَالْبَاءُ فِي بِحَمْدِ رَبِّكَ لِلْمُصَاحَبَةِ. وَالتَّقْدِيرُ: فَسَبِّحْ رَبَّكَ بِحَمْدِهِ فَحُذِفَ مِنَ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي. وَتَسْبِيحُ اللَّهِ تَنْزِيهُهُ بِقَوْلِ: سُبْحَانَ اللَّهِ.

وَالْأَمْرُ فِي وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ مُسْتَعْمَلَانِ فِي طَلَبِ الدَّوَامِ.

ومِنَ السَّاجِدِينَ أَبْلَغُ فِي الِاتِّصَافِ بِالسُّجُودِ مِنْ (سَاجِدًا) كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٍ [١١٩] ، وَقَوْلِهِ قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٦٧] وَنَظَائِرِهِمَا.

وَالسَّاجِدُونَ: هُمُ الْمُصَلُّونَ. فَالْمَعْنَى: وَدُمْ عَلَى الصَّلَاةِ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ.

وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ سَجْدَةٍ مِنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَفِي «تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ» عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّقَّاشِ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ (لَعَلَّهُ يَعْنِي بِهِ أَبَا حُذَيْفَةَ الْيَمَانَ