للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَخْوِيفٌ مِنَ الْعَذَابِ وَاللَّهُ أَرَادَ الْإِبْقَاءَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالَ: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ [الْأَنْفَال: ٣٣] الْآيَةَ، فَعَوَّضْنَا تَخْوِيفَهُمْ بَدَلًا عَنْ إِرْسَالِ الْآيَاتِ الَّتِي اقْتَرَحُوهَا.

وَالْقَوْلُ فِي تَعْدِيَةِ وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ كَالْقَوْلِ فِي وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ مَعْنًى وَتَقْدِيرًا عَلَى الْوَجْهَيْنِ.

وَالتَّخْوِيفُ: جَعْلُ الْمَرْءِ خَائِفًا.

وَالْقَصْرُ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا تَخْوِيفاً لِقَصْرِ الْإِرْسَالِ بِالْآيَاتِ عَلَى عِلَّةِ التَّخْوِيفِ، وَهُوَ قَصْرٌ إِضَافِيٌّ، أَيْ لَا مُبَارَاةَ بَيْنَ الرُّسُلِ وَأَقْوَامِهِمْ أَوْ لَا طَمَعًا فِي إِيمَانِ الْأَقْوَامِ فَقَدْ عَلِمْنَا

أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ.

[٦٠]

[سُورَة الْإِسْرَاء (١٧) : آيَة ٦٠]

وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْياناً كَبِيراً (٦٠)

وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ هَذِهِ تَسْلِيَة للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حُزْنِهِ مِنْ تَكْذِيبِ قَوْمِهِ إِيَّاهُ، وَمِنْ إِمْهَالِ عُتَاةِ أَعْدَاءِ الدِّينِ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ، فَذَكَّرَهُ اللَّهُ بِوَعْدِهِ نَصْرَهُ.

وَقَدْ أَوْمَأَ جَعْلُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ لَفْظَ الرَّبِّ مُضَافًا إِلَى ضَمِيرِ الرَّسُولِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مَسُوقٌ مَسَاقَ التَّكْرِمَةِ لِلنَّبِيءِ وَتَصْبِيرِهِ، وَأَنَّهُ بِمَحَلِّ عِنَايَةِ اللَّهِ بِهِ إِذْ هُوَ رَبُّهُ وَهُوَ نَاصِرُهُ قَالَ تَعَالَى:

وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا [الطّور: ٤٨] .

فَجُمْلَةُ وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِلَخْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلَى جُمْلَةِ وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ [الْإِسْرَاء: ٥٩] وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُعْتَرِضَةً.

وَ (إِذْ) مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، أَيِ اذْكُرْ إِذْ قُلْنَا لَكَ كَلَامًا هُوَ وَعْدٌ بِالصَّبْرِ، أَيِ اذْكُرْ لَهُمْ ذَلِكَ وَأَعِدْهُ عَلَى أَسْمَاعِهِمْ، أَوْ هُوَ فِعْلُ «اذْكُرْ»