للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالزِّيَادَةُ: وَفْرَةُ مِقْدَارِ شَيْءٍ مَخْصُوصٍ، مِثْلُ وَفْرَةِ عَدَدِ الْمَعْدُودِ، وَوَزْنِ الْمَوْزُونِ، وَوَفْرَةِ سُكَّانِ الْمَدِينَةِ.

وَفِعْلُ (زَادَ) يَكُونُ قَاصِرًا مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ [الصافات: ١٤٧] ، وَيَكُونُ مُتَعَدِّيًا كَقَوْلِهِ: فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً [الْبَقَرَة: ١٠] . وَتُسْتَعَارُ الزِّيَادَةُ لِقُوَّةِ الْوَصْفِ كَمَا هُنَا.

وَالرَّبْطُ عَلَى الْقَلْبِ مُسْتَعَارٌ إِلَى تَثْبِيتِ الْإِيمَانِ وَعَدَمِ التَّرَدُّدِ فِيهِ، فَلَمَّا شَاعَ إِطْلَاقُ الْقَلْبِ عَلَى الِاعْتِقَادِ اسْتُعِيرَ الرَّبْطُ عَلَيْهِ لِلتَّثْبِيتِ عَلَى عَقْدِهِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الْقَصَص: ١٠] . وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هُوَ رَابِطُ الْجَأْشِ.

وَفِي ضِدِّهِ يُقَالُ: اضْطَرَبَ قَلْبُهُ، وَقَالَ تَعَالَى: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ [الْأَحْزَاب:

١٠] . اسْتُعِيرَ الِاضْطِرَابُ وَنَحْوُهُ لِلتَّرَدُّدِ وَالشَّكِّ فِي حُصُولِ شَيْءٍ.

وَتَعْدِيَةُ فِعْلِ رَبَطْنا بِحَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الشَّدِّ لِأَنَّ حَرْفَ الِاسْتِعْلَاءِ مُسْتَعَارٌ لِمَعْنَى التَّمَكُّنِ مِنَ الْفِعْلِ.

وإِذْ قامُوا ظَرْفٌ لِلرَّبْطِ، أَيْ كَانَ الرَّبْطُ فِي وَقْتٍ فِي قِيَامِهِمْ، أَيْ كَانَ ذَلِكَ الْخَاطِرُ الَّذِي قَامُوا بِهِ مُقَارِنًا لَرَبْطِ اللَّهِ عَلَى قُلُوبِهِمْ، أَيْ لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا أَقْدَمُوا عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَذَلِكَ الْقَوْلِ.

وَالْقِيَامُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَقِيقِيًّا، بِأَنْ وَقَفُوا بَيْنَ يَدَيْ مَلِكِ الرُّومِ الْمُشْرِكِ، أَوْ وَقَفُوا فِي مَجَامِعِ قَوْمِهِمْ خُطَبَاءَ مُعْلِنِينَ فَسَادَ عَقِيدَةِ الشِّرْكِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْقِيَامُ مُسْتَعَارًا لِلْإِقْدَامِ وَالْجَسْرِ عَلَى عَمَلٍ عَظِيمٍ، وَلِلِاهْتِمَامِ بِالْعَمَلِ أَوِ الْقَوْلِ، تَشْبِيهًا لِلِاهْتِمَامِ بِقِيَامِ الشَّخْصِ مِنْ قُعُودٍ لِلْإِقْبَالِ عَلَى عَمَلٍ مَا، كَقَوْلِ النَّابِغَةِ:

بِأَنَّ حِصْنًا وَحَيًّا مِنْ بَنِي أَسَدٍ ... قَامُوا فَقَالُوا حِمَانَا غَيْرُ مَقْرُوبِ

فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ قِيَامٌ بَعْدَ قُعُودٍ بَلْ قَدْ يَكُونُونَ قَالُوهُ وَهُمْ قُعُودٌ.

وَعَرَّفُوا اللَّهَ بِطَرِيقِ الْإِضَافَةِ إِلَى ضَمِيرِهِمْ: إِمَّا لِأَنَّهُمْ عُرِفُوا مِنْ قَبْلُ بِأَنَّهُمْ عَبَدُوا اللَّهَ الْمُنَزَّهَ عَنِ الْجِسْمِ وَخَصَائِصِ الْمُحْدَثَاتِ، وَإِمَّا لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا