للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي الْأَيْمَانِ لَا يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ بَلْ هُوَ مِمَّا ثَبَتَ بِالسَّنَةِ. وَلِذَلِكَ لَمْ يُخَالِفْ مَالِكٌ فِي إِعْمَالِ الثُّنْيَا فِي الْيَمِينِ، وَهِيَ قَوْلُ (إِنْ شَاءَ اللَّهُ) . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ.

وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ عَطْفٌ عَلَى النَّهْيِ، أَيْ لَا تَعِدْ بِوَعْدٍ فَإِنْ نَسِيتَ فَقُلْتَ: إِنِّي فَاعِلٌ، فَاذْكُرْ رَبَّكَ، أَيِ اذْكُرْ مَا نَهَاكَ عَنهُ. وَالْمرَاد بِالذكر التَّدَارُكُ وَهُوَ هُنَا مُشْتَقٌّ مِنَ الذُّكْرِ- بِضَمِّ الذَّالِ-، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ لَازِمِ التَّذَكُّرِ، وَهُوَ الِامْتِثَالُ، كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-:

«أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِاللِّسَانِ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ» .

وَفِي تَعْرِيفِ الْجَلَالَةِ بِلَفْظِ الرَّبِّ مُضَافًا إِلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ دُونَ اسْمِ الْجَلَالَةِ الْعَلَمِ مِنْ كَمَالِ الْمُلَاطَفَةِ مَا لَا يَخْفَى.

وَحَذْفُ مَفْعُولِ نَسِيتَ لِظُهُورِهِ مِنَ الْمَقَامِ، أَيْ إِذَا نَسِيتَ النَّهْيَ فَقُلْتَ: إِنِّي فَاعِلٌ.

وَبَعْضُ الَّذِينَ أَعْمَلُوا آيَةَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ فِي حَلِّ الْأَيْمَانِ بِذِكْرِ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ جَعَلُوا قَوْلَهُ: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ تَرْخِيصًا فِي تَدَارُكِ الثُّنْيَا عِنْدَ تَذَكُّرِ ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَحِدَّ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا تَحْدِيدَ بِمُدَّةٍ بَلْ وَلَوْ طَالَ مَا بَيْنَ الْيَمِينِ وَالثُّنْيَا.

وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الثُّنْيَا، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ بِخِلَافِهِ.

وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً لَمَّا أَبَرَّ اللَّهُ وعد نبيه صلّى الله عَلَيْهِ وَآله وسلّم الَّذِي وَعَدَهُ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ أَمْرَ أَهْلِ الْكَهْفِ فَأَوْحَاهُ إِلَيْهِ وَأَوْقَفَهُمْ عَلَيْهِ، أَعْقَبَ ذَلِكَ بِعِتَابِهِ عَلَى