للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كِلَاهُمَا حِينَ جَدَّ الْجَرْيُ بَيْنَهُمَا ... قَدْ أَقْلَعَا وَكِلَا أَنْفَيْهِمَا رَابِي

وأُكُلَها قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ- بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ-. وَقَرَأَهُ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَخَلَفٌ- بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْكَافِ- وَهُوَ الثَّمَرُ، وَتَقَدَّمَ.

وَجُمْلَةُ كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْجُمَلِ الْمُتَعَاطِفَةِ. وَالْمَعْنَى: أَثْمَرَتِ الْجَنَّتَانِ إِثْمَارًا كَثِيرًا حَتَّى أَشْبَهَتِ الْمُعْطِيَ مِنْ عِنْدِهِ.

وَمَعْنَى وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً لَمْ تَنْقُصْ مِنْهُ، أَيْ مِنْ أُكُلِهَا شَيْئًا، أَيْ لَمْ تَنْقُصْهُ عَنْ مِقْدَارِ مَا تُعْطِيهِ الْأَشْجَارُ فِي حَالِ الْخِصْبِ. فَفِي الْكَلَامِ إِيجَازٌ بِحَذْفِ مُضَافٍ. وَالتَّقْدِيرُ:

وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْ مِقْدَارِ أَمْثَالِهِ. وَاسْتُعِيرَ الظُّلْمُ لِلنَّقْصِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّمْثِيلِيَّةِ بِتَشْبِيهِ هَيْئَةِ صَاحِبِ الْجَنَّتَيْنِ فِي إِتْقَانِ خَبَرِهِمَا وَتَرَقُّبِ إِثْمَارِهِمَا بِهَيْئَةِ مَنْ صَارَ لَهُ حَقٌّ فِي وَفْرَةِ غَلَّتِهَا بِحَيْثُ إِذَا لَمْ تَأْتِ الْجَنَّتَانِ بِمَا هُوَ مُتَرَقَّبٌ مِنْهُمَا أَشْبَهَتَا مَنْ حَرَمَ ذَا حَقٍّ حَقَّهُ فَظَلَمَهُ، فَاسْتُعِيرَ الظُّلْمُ لِإِقْلَالِ الْإِغْلَالِ، وَاسْتُعِيرَ نَفْيُهُ لِلْوَفَاءِ بِحَقِّ الْإِثْمَارِ.

وَالتَّفْجِيرُ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ [٩٠] .

وَالنَّهَرُ- بِتَحْرِيكِ الْهَاءِ- لُغَةٌ فِي النَّهْرِ بِسُكُونِهَا. وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢٤٩] .

وَجُمْلَةُ وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ لِأَحَدِهِما. وَالثُّمُرُ- بِضَمِّ الثَّاءِ وَالْمِيمِ-: الْمَالُ الْكَثِيرُ الْمُخْتَلِفُ مِنَ النَّقْدَيْنِ وَالْأَنْعَامِ وَالْجَنَّاتِ وَالْمَزَارِعِ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ ثُمِّرَ مَالُهُ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ، يُقَالُ: ثَمَّرَ اللَّهُ مَالَهُ إِذَا كَثُرَ. قَالَ النَّابِغَةُ:

فَلَمَّا رَأَى أَنْ ثَمَّرَ اللَّهُ مَالَهُ ... وَأَثَّلَ مَوْجُودًا وَسَدَّ مَفَاقِرَهْ