للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِنَفْسِهِ، فَيُقَالُ: مَكَّنَاهُ فِي الْأَرْضِ كَقَوْلِهِ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ [الْأَنْعَام: ٦] .

فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ لِلتَّوْكِيدِ كَاللَّامِ فِي قَوْلِهِمْ: شَكَرْتُ لَهُ، وَنَصَحْتُ لَهُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَفَنُّنٌ. وَعَلَى ذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى: مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ [الْأَنْعَام: ٦] .

فَمَعْنَى التَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ إِعْطَاءُ الْمَقْدِرَةِ عَلَى التَّصَرُّفِ.

وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ أَهْلُ الْأَرْضِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ أَرْضٌ مُعَيَّنَةٌ وَهِيَ أَرْضُ مُلْكِهِ.

وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ [يُوسُف: ٥٦] .

وَالسَّبَبُ: حَقِيقَتُهُ الْحَبْلُ، وَأُطْلِقَ هُنَا عَلَى مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى الشَّيْءِ مِنْ عِلْمٍ أَوْ مَقْدِرَةٍ أَوْ آلَاتِ التَّسْخِيرِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [١٦٦] .

وكُلِّ شَيْءٍ مُسْتَعْمَلٌ هُنَا فِي الْأَشْيَاءِ الْكَثِيرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَظَائِرِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ [يُونُس: ٩٧] أَيْ آتَيْنَاهُ وَسَائِلَ أَشْيَاءَ عَظِيمَة كَثِيرَة.

[٨٥- ٨٨]

[سُورَة الْكَهْف (١٨) : الْآيَات ٨٥ إِلَى ٨٨]

فَأَتْبَعَ سَبَباً (٨٥) حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (٨٦) قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً (٨٧) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً (٨٨)

السَّبَبُ: الْوَسِيلَةُ. وَالْمرَاد هُنَا مَعْنًى مَجَازِيٌّ وَهُوَ الطَّرِيقُ، لِأَنَّ الطَّرِيقَ وَسِيلَةٌ إِلَى

الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ، وَقَرِينَةُ الْمَجَازِ ذِكْرُ الِاتِّبَاعِ وَالْبُلُوغِ