للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَوَقَعَ لِعُلَمَاءِ التَّارِيخِ وعلماء الْأَنْسَاب فِي اخْتِلَافُ إِطْلَاقِ اسْمَيِ الْمَغُولِ وَالتَّتَارِ كُلٌّ عَلَى مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْآخَرُ لِعُسْرِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمُتَقَارِبَيْنِ مِنْهُمَا، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ الْمَغُولَ هُمْ مَاجُوجُ بِالْمِيمِ اسْمُ جَدٍّ لَهُم يُقَال لَهُ أَيْضا (سكيثوس) وَرُبمَا يُقَال لَهُ (جيته) .

وَكَانَ الِاسْمُ الْعَامُّ الَّذِي يَجْمَعُ الْقَبِيلَتَيْنِ مَاجُوجَ ثُمَّ انْقَسَمَتِ الْأُمَّةُ فَسُمِّيَتْ فُرُوعُهَا بِأَسْمَاءٍ خَاصَّةٍ، فَمِنْهَا مَاجُوجُ وَيَاجُوجُ وَتَتَرُ ثُمَّ التُّرْكُمَانُ ثُمَّ التُّرْكُ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْوَاوَ الْمَذْكُورَةَ

لَيْسَتْ عَاطِفَةً وَلَكِنَّهَا جَاءَتْ فِي صُورَةِ الْعَاطِفَةِ فَيَكُونُ اللَّفْظُ كَلِمَةً وَاحِدَةً مُرَكَّبَةً تَرْكِيبًا مَزْجِيًّا، فَيَتَكَوَّنُ اسْمًا لِأُمَّةٍ وَهُمُ الْمَغُولُ.

وَالَّذِي يَجِبُ اعْتِمَادُهُ أَنَّ يَاجُوجَ وَمَاجُوجَ هُمُ الْمَغُولُ وَالتَّتَرُ. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْفِدَاءِ أَنَّ مَاجُوجَ هُمُ الْمَغُولُ فَيَكُونُ يَاجُوجُ هُمُ التَّتَرُ. وَقَدْ كَثُرَتِ التَّتَرُ عَلَى الْمَغُولِ فَانْدَمَجَ الْمَغُولُ فِي التَّتَرِ وَغَلَبَ اسْمُ التَّتَرِ عَلَى الْقَبِيلَتَيْنِ. وَأَوْضَحُ شَاهِدٍ عَلَى ذَلِكَ مَا

وَرَدَ فِي حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جحش أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: «لَا إِلْهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَاجُوجَ وَمَاجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ»

. وَحَلَّقَ بِأُصْبُعَيْهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا.

وَلَا يُعْرَفُ بِالضَّبْطِ وَقْتُ انْطِلَاقِهِمْ مِنْ بِلَادِهِمْ وَلَا سَبَبُ ذَلِكَ. وَيُقَدَّرُ أَنَّ انْطِلَاقَهُمْ كَانَ أَوَاخِرَ الْقَرْنِ السَّادِسِ الْهِجْرِيِّ. وَتَشَتَّتُ مُلْكِ الْعَرَبِ بِأَيْدِي الْمَغُولِ وَالتَّتَرِ مِنْ خُرُوجِ جَنْكِيزْ خَانَ الْمَغُولِيِّ وَاسْتِيلَائِهِ عَلَى بُخَارَى سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَصَلُوا دِيَارَ بكر سنة ٦٢٨ هـ ثُمَّ مَا كَانَ مِنْ تَخْرِيبِ هُولَاكُو بَغْدَادَ عَاصِمَةَ مُلْكِ الْعَرَب سنة ٦٦٠ هـ.

وَنَظِيرُ إِطْلَاقِ اسْمَيْنِ عَلَى حَيٍّ مُؤْتَلِفٍ مِنْ قَبِيلَتَيْنِ إِطْلَاقُ طَسْمٍ وَجَدِيسٍ عَلَى أُمَّةٍ مِنَ الْعَرَبِ الْبَائِدَةِ، وَإِطْلَاقُ السَّكَاسِكِ وَالسَّكَرَنِ فِي الْقَبَائِلِ