للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْإِرْثُ: مُسْتَعْمَلٌ مَجَازًا فِي السَّلْبِ وَالْأَخْذِ، أَوْ كِنَايَةً عَنْ لَازَمِهِ وَهُوَ الْهَلَاكُ.

وَالْمَقْصُودُ: تَذْكِيرُهُ بِالْمَوْتِ، أَوْ تَهْدِيدُهُ بِقُرْبِ هَلَاكِهِ.

وَمَعْنَى إِرْثِ أَوْلَادِهِ أَنَّهُمْ يَصِيرُونَ مُسْلِمِينَ فَيَدْخُلُونَ فِي حِزْبِ اللَّهِ، فَإِنَّ الْعَاصِي وَلَدَ عَمْرًا الصَّحَابِيَّ الْجَلِيلَ وَهِشَامًا الصَّحَابِيَّ الشَّهِيدَ يَوْمَ أَجْنَادِينَ، فَهُنَا بِشَارَةٌ للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونكاية وكمد لِلْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ.

وَالْفَرْدُ: الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ مَا يَصِيرُ بِهِ عَدَدًا، إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ يُحْشَرُ كَافِرًا وَحْدَهُ دُونَ وَلَدِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ، وفَرْداً حَال.

[٨١- ٨٢]

[سُورَة مَرْيَم (١٩) : الْآيَات ٨١ إِلَى ٨٢]

وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا مَا مِتُّ [مَرْيَم: ٦٦] فَضَمِيرُ اتَّخَذُوا عَائِدٌ

إِلَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا لِأَنَّ الْكَلَامَ جَرَى عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ.

وَالِاتِّخَاذُ: جَعْلُ الشَّخْصِ الشَّيْءَ لِنَفْسِهِ، فَجُعِلَ الِاتِّخَاذُ هُنَا الِاعْتِقَادُ وَالْعِبَادَةُ. وَفِي فِعْلِ الِاتِّخَاذِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ عَقِيدَتَهُمْ فِي تِلْكَ الْآلِهَةِ شَيْءٌ مُصْطَلَحٌ عَلَيْهِ مُخْتَلَقٌ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ: قالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ [الصافات: ٩٥] .

وَفِي قَوْلِهِ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْحَقَّ يَقْتَضِي أَنْ يَتَّخِذُوا اللَّهَ إِلَهًا، إِذْ بِذَلِكَ تَقَرَّرَ الِاعْتِقَادُ الْحَقُّ مِنْ مَبْدَإِ الْخَلِيقَةِ، وَعَلَيْهِ دَلَّتِ الْعُقُولُ الرَّاجِحَةُ.

وَمَعْنَى لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا لِيَكُونُوا مُعِزِّينَ لَهُمْ، أَيْ نَاصِرِينَ، فَأَخْبَرَ عَنِ الْآلِهَةِ بِالْمَصْدَرِ لِتَصْوِيرِ اعْتِقَادِ الْمُشْرِكِينَ فِي آلِهَتِهِمْ أَنَّهُمْ نَفْسُ الْعِزِّ، أَيْ أَنَّ مُجَرَّدَ الِانْتِمَاءِ لَهَا يُكْسِبُهُمْ عِزًّا.