للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا الِاسْمُ هُوَ عَلَمُ الرَّبِّ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ. وَاسْمُهُ تَعَالَى فِي اللُّغَةِ الْعَبْرَانِيَّةِ (يَهْوَهْ) أَوْ (أَهْيَهْ) الْمَذْكُورُ فِي الْإِصْحَاحِ الثَّالِثِ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ فِي التَّوْرَاةِ، وَفِي الْإِصْحَاحِ السَّادِسِ. وَقَدْ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فِي مَوَاضِعَ مِنَ التَّوْرَاةِ مِثْلِ الْإِصْحَاحِ الْحَادِي وَالثَلَاثِينَ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ فِي الْفَقْرَة الثَّامِنَة عشرَة، والإصحاح الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ فِي الْفِقْرَةِ السَّادِسَةَ عَشَرَةَ. وَلَعَلَّهُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُتَرْجِمِينَ وَأَكْثَرُ تَعْبِيرِ التَّوْرَاةِ إِنَّمَا هُوَ الرَّبُّ أَوِ الْإِلَهُ.

وَلَفْظُ (أَهْيَهْ) أَوْ (يَهْوَهْ) قَرِيبُ الْحُرُوفِ مِنْ كَلِمَةِ إِلَهٍ فِي الْعَرَبِيَّةِ.

وَيُقَالُ: إِنَّ اسْمَ الْجَلَالَةِ فِي الْعِبْرَانِيَّةِ «لَاهُمْ» . وَلَعَلَّ الْمِيمَ فِي آخِرِهِ هِيَ أَصْلُ التَّنْوِينِ فِي إِلَهٍ.

وَتَأْكِيدُ الْجُمْلَةِ بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ لِدَفْعِ الشَّكِّ عَنْ مُوسَى نَزَلَ مَنْزِلَةَ الشَّاكِّ لِأَنَّ غَرَابَةَ الْخَبَرِ تُعَرِّضُ السَّامِعَ لِلشَّكِّ فِيهِ.

وَتَوْسِيطُ ضَمِيرَ الْفَصْلِ بِقَوْلِهِ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لِزِيَادَةِ تَقْوِيَةِ الْخَبَرِ، وَلَيْسَ بِمُفِيدٍ لِلْقَصْرِ، إِذْ لَا مُقْتَضَى لَهُ هُنَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِخْبَارُ بِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ هُوَ الْمُسَمَّى اللَّهُ، فَالْحَمْلُ حَمْلُ مُوَاطَاةٍ لَا حَمْلُ اشْتِقَاقٍ. وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [الْمَائِدَة: ٧٢] .

وَجُمْلَةُ لَا إِلهَ إِلَّا أَنَا خَبَرٌ ثَانٍ عَنِ اسْمِ (إِنَّ) . وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ حُصُولُ الْعِلْمِ لِمُوسَى بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى.

ثُمَّ فُرِّعَ عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ بِعِبَادَتِهِ. وَالْعِبَادَةُ تَجْمَعُ مَعْنَى الْعَمَلِ الدَّالِّ عَلَى التَّعْظِيمِ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ وَإِخْلَاصٍ بِالْقَلْبِ. وَوَجْهُ التَّفْرِيعِ أَنَّ انْفِرَادَهُ تَعَالَى بِالْإِلَهِيَّةِ يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَهُ أَنْ يُعْبَدَ.

وَخُصَّ مِنَ الْعِبَادَاتِ بِالذِّكْرِ إِقَامَةُ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَجْمَعُ أَحْوَالَ الْعِبَادَةِ. وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ: إِدَامَتُهَا، أَيْ عَدَمُ الْغَفْلَةِ عَنْهَا.