للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَصَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حِكَايَةً لِقَوْلِ مُوسَى بِحَاصِلِ مَعْنَاهُ، أَيْ عَدَّ مَنَافِعَ أُخْرَى، فَالْإِيجَازُ مِنْ نَظْمِ الْقُرْآنِ لَا مِنْ كَلَامِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَالضَّمِيرُ الْمُشْتَرَكُ فِي قالَ أَلْقِها عَائِدٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى طَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ مِنَ التَّكَلُّمِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ دَعَا إِلَى الِالْتِفَاتِ وُقُوعُ هَذَا الْكَلَامِ حِوَارًا مَعَ قَوْلِ

مُوسَى: هِيَ عَصايَ ... إِلَخْ.

وَقَوْلُهُ أَلْقِها يَتَّضِحُ بِهِ أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ ذَرِيعَةً إِلَى غَرَضٍ سَيَأْتِي، وَهُوَ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ فِي قَوْلِهِ وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّنْبِيهِ إِلَى أَهَمِّيَّةِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ كَالَّذِي يَجِيءُ فِي قَوْلِهِ: وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسى [طه: ٨٣] .

وَالْحَيَّةُ: اسْمٌ لِصِنْفٍ مِنَ الْحَنَشِ مَسْمُومٍ إِذَا عَضَّ بِنَابَيْهِ قَتَلَ الْمَعْضُوضَ، وَيُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ.

وَوصف الحيّة بتسعى لِإِظْهَارِ أَنَّ الْحَيَاةَ فِيهَا كَانَتْ كَامِلَةً بِالْمَشْيِ الشَّدِيدِ. وَالسَّعْيُ:

الْمَشْيُ الَّذِي فِيهِ شِدَّةٌ، وَلِذَلِكَ خُصَّ غَالِبًا بِمَشْيِ الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ.

وَأُعِيدَ فِعْلُ قالَ خُذْها بِدُونِ عَطْفٍ لِوُقُوعِهِ فِي سِيَاقِ الْمُحَاوَرَةِ.

وَالسِّيرَةُ فِي الْأَصْلِ: هَيْئَةُ السَّيْرِ، وَأُطْلِقَتْ عَلَى الْعَادَةِ وَالطَّبِيعَةِ، وَانْتَصَبَ سِيرَتَهَا بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ سَنُعِيدُهَا إِلَى سِيرَتِهَا الْأُولَى الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْقَلِبَ حَيَّةً، أَيْ سَنُعِيدُهَا عَصًا كَمَا كَانَتْ أَوَّلَ مَرَّةٍ.

وَالْغَرَضُ مِنْ إِظْهَارِ ذَلِكَ لِمُوسَى أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ الْعَصَا تَطَبَّعَتْ بِالِانْقِلَابِ حَيَّةً، فَيَتَذَكَّرَ ذَلِكَ عِنْدَ مُنَاظَرَةِ السَّحَرَةِ لِئَلَّا يَحْتَاجَ حِينَئِذٍ إِلَى وَحي.