للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَ (إِذْ) ظَرْفٌ لِلْمِنَّةِ.

وَالْوَحْيُ، هُنَا: وَحْيُ الْإِلْهَامِ الصَّادِقِ. وَهُوَ إِيقَاعُ مَعْنًى فِي النَّفْسِ يَنْثَلِجُ لَهُ نَفْسُ الْمُلْقَى إِلَيْهِ بِحَيْثُ يَجْزِمُ بِنَجَاحِهِ فِيهِ وَذَلِكَ مِنْ تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَدْ يَكُونُ بِطَرِيقِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ الَّتِي يُقْذَفُ فِي نَفْسِ الرَّائِي أَنَّهَا صِدْقٌ.

وَمَا يُوحى مَوْصُولٌ مُفِيدٌ أَهَمِّيَّةَ مَا أُوحِيَ إِلَيْهَا. وَمُفِيدٌ تَأْكِيدَ كَوْنِهِ إِلْهَامًا مِنْ قِبَلِ الْحَقِّ.

وأَنِ تَفْسِيرٌ لِفِعْلِ أَوْحَيْنا لِأَنَّهُ مَعْنَى الْقَوْلِ دُونَ حُرُوفِهِ أَو تَفْسِير ليوحى.

وَالْقَذْفُ: أَصْلُهُ الرَّمْيِ، وَأُطْلِقَ هُنَا عَلَى الْوَضْعِ فِي التَّابُوتِ، تَمْثِيلًا لِهَيْئَةِ الْمُخْفِي عَمَلَهُ، فَهُوَ يُسْرِعُ وَضْعَهُ مِنْ يَدِهِ كَهَيْئَةِ مَنْ يَقْذِفُ حَجَرًا وَنَحْوَهُ.

وَالتَّابُوتُ: الصُّنْدُوقُ. وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢٤٨] .

وَالْيَمُّ: الْبَحْرُ، وَالْمُرَادُ بِهِ نَهْرُ النِّيلِ.

وَالسَّاحِلُ: الشَّاطِئُ، وَلَامُ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ فَلْيُلْقِهِ دَالَّةٌ عَلَى أَمْرِ التَّكْوِينِ، أَيْ سَخَّرْنَا الْيَمَّ لِأَنْ يُلْقِيَهُ بِالسَّاحِلِ، وَلَا يَبْتَعِدَ بِهِ إِلَى مَكَانٍ بَعِيدٍ، وَالْمُرَادُ سَاحِلٌ مَعْهُودٌ، وَهُوَ

الَّذِي يَقْصُدُهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِلسِّبَاحَةِ.

وَالضَّمَائِرُ الثَّلَاثَةُ الْمَنْصُوبَةُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَائِدَةً إِلَى مُوسَى لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَهُوَ حَاضِرٌ فِي ذِهْنِ أُمِّهِ الْمُوحَى إِلَيْهَا، وَقَذْفُهُ فِي التَّابُوتِ وَفِي الْيَمِّ وَإِلْقَاؤُهُ فِي السَّاحِلِ كُلُّهَا أَفْعَالٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِضَمِيرِهِ،