للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ فَلا يَخافُ بِصِيغَةِ الْمَرْفُوعِ بِإِثْبَاتِ أَلِفٍ بَعْدَ الْخَاءِ، عَلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ اسْتِئْنَافٌ غَيْرَ مَقْصُودٍ بِهَا الْجَزَاءُ، كَأَنَّ انْتِفَاءَ خَوْفِهِ أَمْرٌ مُقَرَّرٌ لِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ وَيَعْمَلُ الصَّالِحَاتِ.

وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ بِحَذْفِ الْأَلِفِ بَعْدَ الْخَاءِ، عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ نَهْيٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي الِانْتِفَاءِ. وَكُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ بِدُونِ أَلِفٍ فَاحْتَمَلَتِ الْقِرَاءَتَيْنِ. وَأَشَارَ الطِّيبِيُّ إِلَى أَن الْجُمْهُور توَافق قَوْلَهُ تَعَالَى: وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً فِي أَنَّ كِلْتَا الْجُمْلَتَيْنِ خَبَرِيَّةٌ.

وَقِرَاءَةُ ابْنِ كَثِيرٍ تُفِيدُ عَدَمَ التَّرَدُّدِ فِي حُصُولِ أَمْنِهِ مِنَ الظُّلْمِ وَالْهَضْمِ، أَيْ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ خُصُوصِيَّةٌ لَفْظِيَّةٌ وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ خُصُوصِيَّةٌ مَعْنَوِيَّةٌ.

وَمَعْنَى فَلا يَخافُ ظُلْماً لَا يَخَافُ جَزَاءَ الظَّالِمِينَ لِأَنَّهُ آمِنٌ مِنْهُ بِإِيمَانِهِ وَعَمَلِهِ الصَّالِحَاتِ.

وَالْهَضْمُ: النَّقْصُ، أَيْ لَا يُنْقَصُونَ مِنْ جَزَائِهِمُ الَّذِي وُعِدُوا بِهِ شَيْئًا كَقَوْلِهِ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ [هود: ١٠٩] .

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الظُّلْمُ بِمَعْنَى النَّقْصِ الشَّدِيدِ كَمَا فِي قَوْلِهِ وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً [الْكَهْف: ٣٣] ، أَيْ لَا يَخَافُ إِحْبَاطَ عَمَلِهِ، وَعَلَيْهِ يَكُونُ الْهَضْمُ بِمَعْنَى النَّقْصِ الْخَفِيفِ، وَعَطْفُهُ عَلَى الظُّلْمِ عَلَى هَذَا التَّفْسِير احتراس.

[١١٣- ١١٤]

[سُورَة طه (٢٠) : الْآيَات ١١٣ إِلَى ١١٤]

وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (١١٣) فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (١١٤)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ مَا قَدْ سَبَقَ [طه: ٩٩] ، وَالْغَرَضُ وَاحِدٌ، وَهُوَ التَّنْوِيهُ بِالْقُرْآنِ. فَابْتُدِئَ بِالتَّنْوِيهِ بِهِ جُزْئِيًّا