للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ [سبأ: ٢٩، ٣٠] .

وَالْكَلِمَةُ: مُسْتَعْمَلَةٌ هُنَا فِيمَا شَأْنُهُ أَنْ تَدُلَّ عَلَيْهِ الْكَلِمَاتُ اللَّفْظِيَّةُ مِنَ الْمَعَانِي، وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْأَشَاعِرَةِ بِالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ الرَّاجِعِ إِلَى عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا سَيُبْرِزُهُ لِلنَّاسِ مِنْ أَمْرِ التَّكْوِينِ أَوْ أَمْرِ التَّشْرِيعِ، أَوِ الْوَعْظِ. وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِي سُورَةِ هُودٍ [١١٠] .

فَالْكَلِمَةُ هَنَا مُرَادٌ بِهَا: مَا عَلِمَهُ اللَّهُ مِنْ تَأْجِيلِ حُلُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ، فَاللَّهُ تَعَالَى بِحِكْمَتِهِ أَنْظَرَ قُرَيْشًا فَلَمْ يُعَجِّلْ لَهُمُ الْعَذَابَ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُنْشَرَ الْإِسْلَامَ بِمَنْ يُؤْمِنُ مِنْهُمْ وَبِذُرِّيَّاتِهِمْ. وَفِي ذَلِكَ كَرَامَةٌ لِلنَّبِيءِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَيْسِيرِ أَسْبَابِ بَقَاءِ شَرْعِهِ وَانْتِشَارِهِ لِأَنَّهُ الشَّرِيعَةُ الْخَاتِمَةُ. وَخَصَّ اللَّهُ مِنْهُمْ بِعَذَابِ السَّيْفِ وَالْأَسَرِ مَنْ كَانُوا أَشِدَّاءَ فِي التَّكْذِيبِ وَالْإِعْرَاضِ حِكْمَةً مِنْهُ تَعَالَى، كَمَا قَالَ: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [الْأَنْفَال: ٣٣- ٣٤] .

وَاللزَام- بِكَسْرِ اللَّامِ-: مَصْدَرُ لَازَمَ: كَالْخِصَامِ، اسْتُعْمِلَ مَصْدَرَا لِفِعْلِ لَزِمَ الثَّانِي لِقَصْدِ الْمُبَالَغَةِ فِي قُوَّةِ الْمَعْنَى كَأَنَّهُ حَاصِلٌ مِنْ عِدَّةِ نَاسٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَزْنُ فِعَالٍ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، مِثْلَ لِزَازٍ فِي قَوْلِ لَبِيدٍ:

مِنَّا لِزَازٌ كَرِيهَةٌ جُذَّامُهَا وَسِدَادٍ فِي قَوْلِ الْعَرَجِيِّ:

أَضَاعُونِي وَأَيُّ فَتًى أَضَاعُوا ... لِيَوْمِ كَرِيهَةٍ وَسِدَادِ ثَغْرِ

أَيْ: لَكَانَ الْإِهْلَاكُ الشَّدِيدُ لَازِمًا لَهُمْ.