للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَمْثِلَةِ تَكَلُّفٌ وَتَنَافُرٌ وَغَرَابَةٌ، وَكَذَلِكَ مَا وَضَعَهُ غَيْرُهُ عَلَى تَفَاوُتِهَا فِي ذَلِكَ وَالشَّوَاهِدُ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ الْبَدِيعِ فَعَلَيْكَ بِتَتَبُّعِهَا، وَكُلَّمَا زَادَتْ طُولًا زَادَتْ ثِقَلًا.

قَالَ الْعَلَّامَةُ الشِّيرَازِيُّ فِي «شَرْحِ الْمِفْتَاحِ» : وَهُوَ نَوْعٌ صَعْبُ الْمَسْلَكِ قَلِيلُ الِاسْتِعْمَالِ. قُلْتُ: وَلَمْ يَذْكُرُوا مِنْهُ شَيْئًا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَهُوَ مِنْ مُبْتَكَرَاتِ الْقُرْآنِ.

ذَكَرَ أَهْلُ الْأَدَبِ أَنَّ الْقَاضِي الْفَاضِلَ الْبَيْسَانِيَّ زَارَ الْعِمَادَ الْكَاتِبَ فَلَمَّا رَكِبَ لِيَنْصَرِفَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَهُ الْعِمَادُ: «سِرْ فَلَا كَبَا بِكَ الْفُرْسُ» فَفَطِنَ الْقَاضِي أَنَّ فِيهِ مُحَسِّنَ الْقَلْبِ فَأَجَابَهُ عَلَى الْبَدِيهَةِ: «دَامَ عُلَا الْعِمَادِ» وَفِيهِ محسن الْقلب.

[٣٤]

[سُورَة الْأَنْبِيَاء (٢١) : آيَة ٣٤]

وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ (٣٤)

عُنِيَتِ الْآيَاتُ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ بِاسْتِقْصَاءِ مَطَاعِنِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْقُرْآنِ وَمَنْ جَاءَ بِهِ بِقَوْلِهِمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ [الْأَنْبِيَاء: ٣] ، وَقَوْلُهُمْ: أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ [الْأَنْبِيَاء: ٥] وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ أَمَانِيهِمْ لَمَّا أَعْيَاهُمُ اخْتِلَاقُ الْمَطَاعِنِ أَنْ كَانُوا يَتَمَنَّوْنَ مَوْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ يَرْجُونَهُ أَوْ يُدَبِّرُونَهُ قَالَ تَعَالَى: أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ فِي سُورَةِ الطُّورِ [٣٠] ، وَقَالَ تَعَالَى: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ فِي [الْأَنْفَالِ: ٣٠] .

وَقَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ هُمُ الْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ فَلَمَّا كَانَ تَمَنِّيهِمْ مَوْتَهَ وَتَرَبُّصُهُمْ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ