للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سُورَة الْأَنْبِيَاء (٢١) : الْآيَات ٩٦ إِلَى ٩٧]

حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ (٩٧)

(حَتَّى) ابْتِدَائِيَّةٌ. وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لَا مَحَلَّ لَهُ مِنَ الْإِعْرَابِ وَلَكِنْ (حَتَّى) تُكْسِبُهُ ارْتِبَاطًا بِالْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ: أَنَّ مَعْنَى الْغَايَةِ لَا يُفَارق (حتّى) حِينَ تَكُونُ لِلِابْتِدَاءِ، وَلِذَلِكَ عُنِيَ هُوَ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْمُفَسّرين بتطلب المغيّا بِهَا هَاهُنَا فَجَعَلَهَا فِي «الْكَشَّافِ» غَايَةً لِقَوْلِهِ وَحَرامٌ فَقَالَ: « (حَتَّى) مُتَعَلِّقَةٌ بِ حَرامٌ وَهِيَ غَايَةٌ لَهُ لِأَنَّ امْتِنَاعَ رُجُوعِهِمْ لَا يَزُولُ حَتَّى تَقُومَ الْقِيَامَةُ» اه. أَيْ: فَهُوَ مِنْ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ عَلَى أَمْرٍ لَا يَقَعُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ [الْأَعْرَاف: ٤٠] ، وَيَتَرَكَّبُ عَلَى كَلَامِهِ الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ تَقَدَّمَا فِي مَعْنَى الرُّجُوعِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنَّهُمْ لَا

يَرْجِعُونَ

[الْأَنْبِيَاء: ٩٥] ، أَيْ لَا يَرْجِعُونَ عَنْ كُفْرِهِمْ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْعَالَمُ، أَوِ انْتِفَاءُ رُجُوعِهِمْ إِلَيْنَا فِي اعْتِقَادِهِمْ يَزُولُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الدُّنْيَا. فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ الْإِخْبَارَ عَنْ دَوَامِ كُفْرِهِمْ عَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ. وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ فَفَتْحُ يَاجُوجَ وَمَاجُوجَ هُوَ فَتْحُ السَّدِّ الَّذِي هُوَ حَائِلٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الِانْتِشَارِ فِي أَنْحَاءِ الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي قِصَّةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ.

وَتَوْقِيتُ وَعْدِ السَّاعَةِ بِخُرُوجِ يَاجُوجِ وَمَاجُوجِ أَنَّ خُرُوجَهُمْ أَوَّلُ عَلَامَاتِ اقْتِرَابِ الْقِيَامَةِ.

وَقَدْ عَدَّهُ الْمُفَسِّرُونَ مِنَ الْأَشْرَاطِ الصُّغْرَى لِقِيَامِ السَّاعَةِ.