للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعنيّ بِهَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْمَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَضَى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ [الْحَج: ٣] ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ فَرِيقَ الْمُعَانِدِينَ الْمُكَابِرِينَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ بَعْدَ أَنْ بَلَغَهُمُ الْإِنْذَارُ مِنْ زَلْزَلَةِ السَّاعَةِ، فَهُمْ كَذَلِكَ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ بَعْدَ أَنْ وُضِّحَتْ لَهُمُ الْأَدِلَّةُ عَلَى وُقُوعِ الْبَعْثِ.

وَدَافِعُهُمْ إِلَى الْجِدَالِ فِي اللَّهِ عِنْدَ سَمَاعِ الْإِنْذَارِ بِالسَّاعَةِ عَدَمُ عِلْمِهِمْ مَا يُجَادِلُونَ فِيهِ وَاتِّبَاعُهُمْ وَسْوَاسَ الشَّيَاطِينِ.

وَدَافِعُهُمْ إِلَى الْجِدَالِ فِي اللَّهِ عِنْدَ وُضُوحِ الْأَدِلَّةِ على الْبَعْث علم عِلْمِهِمْ مَا يُجَادِلُونَ فِيهِ، وَانْتِفَاءُ الْهُدَى، وَانْتِفَاء تلقي شَرِيعَة مِنْ قَبْلُ، وَالتَّكَبُّرُ عَنِ الِاعْتِرَافِ بِالْحُجَّةِ، وَمَحَبَّةُ إِضْلَالِ النَّاسِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. فَيُؤَوَّلُ إِلَى مَعْنَى أَنَّ أَحْوَالَ هَؤُلَاءِ مُخْتَلِفَةٌ وَأَصْحَابَهَا فَرِيقٌ وَاحِدٌ هُوَ فَرِيقُ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالضَّلَالَةِ. وَمِنْ أَسَاطِينِ هَذَا الْفَرِيقِ مَنْ عُدُّوا فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الْأُولَى مِثْلُ: النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، وَأَبِي جَهْلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ.

وَقيل: المُرَاد من هَذِهِ الْآيَةِ بِمَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ: النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ. كَرَّرَ الْحَدِيثَ عَنْهُ تَبْيِينًا لِحَالَتَيْ جِدَالِهِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِمَنْ يُجَادِلُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَبُو جَهْلٍ، كَمَا قِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ فِي الْآيَةِ الْمَاضِيَةِ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ فَجُعِلَتِ الْآيَةُ خَاصَّةً بِسَبَبِ نُزُولِهَا فِي نَظَرِ هَذَا الْقَائِلِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: هُوَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ. وَتَقَدَّمَ مَعْنَى قَوْلِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ [الْحَج: ٣] الْمُقَلِّدُونَ- بِكَسْرِ اللَّامِ- مِنَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تُمْلِيهِ عَلَيْهِمْ سَادَةُ الْكُفْرِ، وَالْمُرَادُ بِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً الْمُقَلَّدُونَ- بِفَتْحِ اللَّامِ- أَئِمَّةُ الْكُفْرِ.