للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَقْدِيمُ الْبُدْنَ عَلَى عَامِلِهِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَا تَنْوِيهًا بِشَأْنِهَا.

وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْبُدْنِ الْخَاصِّ بِالْإِبِلِ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ فِي الْهَدْيِ لِكَثْرَةِ لَحْمِهَا، وَقَدْ أُلْحِقَتْ بِهَا الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ بِدَلِيلِ السُّنَّةِ، وَاسْمُ ذَلِكَ هَدْيٌ.

وَمَعْنَى كَوْنِهَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ: أَنَّ اللَّهَ جَعَلَهَا مَعَالِمَ تُؤْذِنُ بِالْحَجِّ وَجَعَلَ لَهَا حُرْمَةً.

وَهَذَا وَجْهُ تَسْمِيَتِهِمْ وَضْعَ الْعَلَامَةِ الَّتِي يُعْلَمُ بِهَا بَعِيرُ الْهَدْيِ فِي جِلْدِهِ إِشْعَارًا.

قَالَ مَالِكٌ فِي «الْمُوَطَّأِ» : «كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِذَا أَهْدَى هَدْيًا مِنَ الْمَدِينَةِ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، يُقَلِّدُهُ قَبْلَ أَنْ يُشْعِرَهُ ... يُقَلِّدُهُ بِنَعْلَيْنِ وَيُشْعِرُهُ مِنَ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ ... »

بِطَعْنٍ فِي سَنَامِهِ فَالْإِشْعَارُ إِعْدَادٌ لِلنَّحْرِ.

وَقَدْ عَدَّهَا فِي جُمْلَةِ الْحُرُمَاتِ فِي قَوْلِهِ: لَا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ [٢] .

وَتَقْدِيمُ لَكُمْ عَلَى الْمُبْتَدَأِ لِيَتَأَتَّى كَوْنُ الْمُبْتَدَأِ نَكِرَةً لِيُفِيدَ تَنْوِينُهُ التَّعْظِيمَ، وَتَقْدِيمُ فِيها عَلَى مُتَعَلِّقِهِ وَهُوَ خَيْرٌ لِلِاهْتِمَامِ بِمَا تَجْمَعُهُ وَتَحْتَوِي عَلَيْهِ مِنَ الْفَوَائِدِ.

وَالْخَيْرُ: النَّفْعُ، وَهُوَ مَا يَحْصُلُ لِلنَّاسِ مِنَ النَّفْعِ فِي الدُّنْيَا مِنِ انْتِفَاعِ الْفُقَرَاءِ بِلُحُومِهَا وَجُلُودِهَا وَجِلَالِهَا وَنِعَالِهَا وَقَلَائِدِهَا. وَمَا يَحْصُلُ لِلْمُهْدِينَ وَأَهْلِهِمْ مِنَ الشِّبَعِ مِنْ لَحْمِهَا يَوْمَ

النَّحْرِ، وَخَيْرُ الْآخِرَةِ مِنْ ثَوَابِ الْمُهْدِينَ، وَثَوَابِ الشُّكْرِ مِنَ الْمُعْطِينَ لُحُومَهَا لِرَبِّهِمُ الَّذِي أَغْنَاهُمْ بِهَا.

وَفُرِّعَ عَلَى ذَلِكَ أَنْ أُمِرَ النَّاسُ بِأَنْ يَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا حِينَ نَحْرِهَا.