للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَوْلُهُ: وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ تَتْمِيمٌ لِإِظْهَارِ صَلَاحِيَّةِ الْقُدْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ. وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ [آلِ عِمْرَانَ: ٢٧] تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ.

وَعَطْفُ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ عَلَى السَّبَبِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى عِلْمِ اللَّهِ بِالْأَحْوَالِ كُلِّهَا فَهُوَ يَنْصُرُ مَنْ يَنْصُرُهُ بِعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَيَعِدُ بِالنَّصْرِ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ نَاصِرُهُ لَا مَحَالَةَ، فَلَا يَصْدُرُ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا عَن حِكْمَة.

[٦٢]

[سُورَة الْحَج (٢٢) : آيَة ٦٢]

ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٦٢)

اسْمُ الْإِشَارَةِ هُنَا تَكْرِيرٌ لِاسْمِ الْإِشَارَةِ الَّذِي سَبَقَهُ وَلِذَلِكَ لَمْ يُعْطَفْ. ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْهُ بِسَبَبٍ آخَرَ لِنَصْرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّبُّ الْحَقُّ الَّذِي إِذَا أَرَادَ فَعَلَ وَقَدَّرَ فَهُوَ يَنْصُرُ أَوْلِيَاءَهُ وَأَنَّ مَا يَدْعُوهُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ هُوَ الْبَاطِلُ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ. وَهَذَا عَلَى حَمْلِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ: بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ عَلَى مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ، وَهُوَ مَحْمِلُ الْمُفَسِّرِينَ. وَسَيَأْتِي فِي سُورَةِ لُقْمَانَ فِي نَظِيرِهَا: أَنَّ الْأَظْهَرَ حَمْلُ الْبَاءِ عَلَى الْمُلَابَسَةِ لِيَلْتَئِمَ عَطْفُ وَأَنَّ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ.

وَالْحَقُّ: الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ، أَيِ الصِّدْقُ، مَأْخُوذٌ مِنْ حَقَّ الشَّيْءُ إِذَا ثَبَتَ: وَالْمَعْنَى:

أَنَّهُ الْحَقُّ فِي الْإِلَهِيَّةِ، فَالْقَصْرُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْمُسْتَفَادُ مِنْ ضَمِيرِ الْفَصْلِ قَصْرٌ حَقِيقِيٌّ.

وَأَمَّا الْقَصْرُ فِي قَوْلِهِ وَأَنَّ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ ضَمِيرِ الْفَصْلِ فَهُوَ قَصْرٌ ادِّعَائِيٌّ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِبَاطِلٍ غَيْرِهَا حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْبَاطِلِ. وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي تَحْقِيرِ أَصْنَامِهِمْ لِأَنَّ