للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاللَّجَاجُ بِفَتْحِ اللَّامِ: الِاسْتِمْرَارُ عَلَى الْخِصَامِ وَعَدَمُ الْإِقْلَاعِ عَنْ ذَلِكَ. يُقَالُ: لَجَّ يَلِجُّ وَيَلَجُّ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا فِي الْمُضَارِعِ عَلَى اخْتِلَافِ حَرَكَةِ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي.

وَالطُّغْيَانُ: أَشَدُّ الْكِبْرِ. وَالْعَمَهُ: التَّرَدُّدُ فِي الضَّلَالَةِ. وفِي طُغْيانِهِمْ مُتَعَلِّقٌ بِ يَعْمَهُونَ قُدِّمَ عَلَيْهِ لِلِاهْتِمَامِ بِذِكْرِهِ، وَلِلرَّعْيِ عَلَى الْفَاصِلَةِ. وَ (فِي) لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ الْمُرَادُ مِنْهَا مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ فِي سُورَة الْبَقَرَة [١٥] .

[٧٦، ٧٧]

[سُورَة الْمُؤْمِنُونَ (٢٣) : الْآيَات ٧٦ إِلَى ٧٧]

وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ (٧٦) حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٧)

اسْتِدْلَالٌ عَلَى مَضْمُونِ قَوْلِهِ وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي

طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ

[الْمُؤْمِنُونَ: ٧٥] بِسَابِقِ إِصْرَارِهِمْ عَلَى الشِّرْكِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الِالْتِجَاءِ إِلَى اللَّهِ وَعَدَمِ الِاتِّعَاظِ بِأَنَّ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ هُوَ جَزَاءُ شِرْكِهِمْ.

وَالْجُمْلَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ خطاب للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَعْلَمُ صِدْقَهُ فَلَمْ يَكُنْ بِحَاجَةٍ إِلَى الِاسْتِظْهَارِ عَلَيْهِ. وَلَكِنَّهُ لَمَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْمُشْرِكِينَ وَكَانَ بِحَيْثُ يَبْلُغُ أَسْمَاعَهُمْ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِأَنَّهُ كَلَامُ مَنْ لَا شَكَّ فِي صِدْقِهِ، كَانَ الْمَقَامُ مَحْفُوفًا بِمَا يَقْتَضِي الِاسْتِدْلَالَ عَلَيْهِمْ بِشَوَاهِدِ أَحْوَالِهِمْ فِيمَا مَضَى وَلِذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَهُ فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ [الْمُؤْمِنُونَ: ٥٤] ، وَوَقَعَ بَعْدَهُ قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الْمُؤْمِنُونَ: ٨٤] .

وَالتَّعْرِيفُ فِي قَوْلِهِ بِالْعَذابِ لِلْعَهْدِ، أَيْ بِالْعَذَابِ الْمَذْكُورِ آنِفًا فِي قَوْلِهِ: حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ [الْمُؤْمِنُونَ: ٦٤] إِلَخْ. وَمَصَبُّ الْحَالِ هُوَ مَا عُطِفَ عَلَى جُمْلَتِهَا مِنْ قَوْلِهِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ، فَلَا تَتَوَهَّمَنَّ أَنَّ إِعَادَةَ ذِكْرِ