للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْلَةُ (يَا وَيْلَتَا) مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا وَجُمْلَةِ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا.

وَ (فُلَانٌ) : اسْمٌ يُكَنِّي عَمَّنْ لَا يُذْكَرُ اسْمُهُ الْعَلَمُ، كَمَا يُكَنَّى بِ (فُلَانَةٍ) عَمَّنْ لَا يُرَادُ

ذِكْرُ اسْمِهَا الْعَلَمِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْحِكَايَةِ أَمْ فِي غَيْرِهَا. قَالَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وَابْنُ مَالِكٍ خِلَافًا لِابْنِ السَّرَّاجِ وَابْنِ الْحَاجِبِ فِي اشْتِرَاطِ وُقُوعِهِ فِي حِكَايَةٍ بِالْقَوْلِ، فَيُعَامَلُ (فُلَانٌ) مُعَامَلَةَ الْعَلَمِ الْمَقْرُونِ بِالنُّونِ الزَّائِدَةِ و (فُلَانَةٌ) مُعَامَلَةَ الْعَلَمِ الْمُقْتَرِنِ بِهَاءِ التَّأْنِيثِ، وَقَدْ جَمَعَهُمَا قَوْلُ الشَّاعِرِ:

أَلَا قَاتَلَ اللَّهُ الْوُشَاةَ وَقَوْلَهُمْ ... فُلَانَةُ أَضْحَتْ خُلَّةً لِفُلَانِ

أَرَادَ نَفْسَهُ وَحَبِيبَتَهُ.

وَقَالَ الْمَرَّارُ الْعَبْسِيُّ:

وَإِذَا فُلَانٌ مَاتَ عَنْ أُكْرُومَةٍ ... دَفَعُوا مَعَاوِزَ فَقْدِهِ بِفُلَانِ

أَرَادَ: إِذَا مَاتَ مَنْ لَهُ اسْمٌ مِنْهُمْ أَخْلَفُوهُ بِغَيْرِهِ فِي السُّؤْدُدِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَعْنِ بْنِ أَوْسٍ:

وَحَتَّى سَأَلْتُ الْقَرْضَ مِنْ كُلِّ ذِي ... الْغِنَى وَرَدَّ فُلَانٌ حَاجَتِي وَفُلَانُ

وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ فِي «نَوَادِرِهِ» : أَنْشَدَنِي الْمُفَضِّلُ لِرَجُلٍ مِنْ ضَبَّةَ هَلَكَ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ، أَيْ فِي أَوَاسِطِ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ لِلْهِجْرَةِ:

إِنَّ لَسَعِدٍ عِنْدَنَا دِيوَانَا ... يُخْزِي فَلَانًا وَابْنَهُ فُلَانَا

وَالدَّاعِي إِلَى الْكِنَايَةِ بِفُلَانٍ إِمَّا قَصْدُ إِخْفَاءِ اسْمِهِ خِيفَةً عَلَيْهِ أَوْ خِيفَةً مِنْ أَهْلِهِمْ أَوْ لِلْجَهْلِ بِهِ، أَوْ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ لِذِكْرِهِ، أَوْ لِقَصْدِ نَوْعِ مَنْ لَهُ اسْمٌ عَلَمٌ. وَهَذَانِ الْأَخِيرَانِ هُمَا اللَّذَانِ يَجْرِيَانِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِنْ حُمِلَتْ عَلَى إِرَادَةِ خُصُوصِ عُقْبَةَ وَأُبَيٍّ أَوْ حُمِلَتْ عَلَى إِرَادَةِ كُلِّ مُشْرِكٍ لَهُ خَلِيلٌ صَدَّهُ عَنِ اتِّبَاعِ الْإِسْلَامِ.

وَإِنَّمَا تَمَنَّى أَنْ لَا يَكُونَ اتَّخَذَهُ خَلِيلًا دُونَ تَمَنِّي أَنْ يَكُونَ عَصَاهُ فِيمَا سَوَّلَ لَهُ قَصْدًا لِلِاشْمِئْزَازِ مَنْ خُلَّتِهِ مِنْ أَصِلِهَا إِذْ كَانَ الْإِضْلَالُ مِنْ أَحْوَالِهَا.

وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ شَأْنَ الْخُلَّةِ الثِّقَةُ بِالْخَلِيلِ وَحَمْلُ مَشُورَتِهِ عَلَى النُّصْحِ فَلَا يَنْبَغِي