للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلْمُبَالَغَةِ. وَالظُّلْمُ فِي تَكْذِيبِهِمُ الرَّسُولَ لِأَنَّهُمْ أَلْصَقُوا بِهِ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ فَظَلَمُوهُ حَقَّهُ.

وَالْعُلُوُّ: الْكِبَرُ وَيَحْسُنُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ: وَاسْتَيْقَنَتْها حَالِيَّةً، فَقَوْلُهُ: ظُلْماً وَعُلُوًّا نَشْرٌ عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ. فَالظُّلْمُ فِي الْجَحْدِ بِهَا وَالْعُلُوُّ فِي كَوْنِهِمْ مُوقِنِينَ بِهَا.

وَانْتَصَبَ ظُلْماً وَعُلُوًّا عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ جَحَدُوا وَجُعِلَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ حَالِهِمْ فِيمَا لَحِقَ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ بِمَنْزِلَةِ الشَّيْءِ الْمُشَاهَدِ لِلسَّامِعِينَ فَأَمَرَ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ:

فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ. وَالْخِطَابُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيَةً لَهُ بِمَا حَلَّ بِالْمُكَذِّبِينَ بِالرُّسُلِ قَبْلَهُ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَعْرِيضًا بِتَهْدِيدِ الْمُشْرِكِينَ

بِمِثْلِ تِلْكَ الْعَاقِبَةِ.

وكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُجَرَّدًا عَنْ مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ مَنْصُوبًا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتِفْهَامًا مُعَلِّقًا فِعْلَ النَّظَرِ عَنِ الْعَمَلِ، وَالِاسْتِفْهَامُ حِينَئِذٍ للتعجيب.

[١٥]

[سُورَة النَّمْل (٢٧) : آيَة ١٥]

وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥)

كَمَا كَانَ فِي قِصَّةِ مُوسَى وَإِرْسَالِهِ إِلَى فِرْعَوْنَ آيَاتُ عِبْرَةٍ وَمَثَلٌ لِلَّذِينِ جَحَدُوا بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ وَمَلِكَةِ سَبَأٍ وَمَا رَأَتْهُ مِنْ آيَاتِهِ وَإِيمَانِهَا بِهِ مَثَلٌ لِعِلْمِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِظْهَارٌ لِفَضِيلَةِ مَلِكَةِ سَبَأٍ إِذْ لَمْ يَصُدَّهَا مُلْكُهَا عَنِ الِاعْتِرَافِ بِآيَاتِ سُلَيْمَانَ فَآمَنَتْ بِهِ، وَفِي ذَلِكَ مَثَلٌ لِلَّذِينِ اهْتَدَوْا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.

وَتَقْدِيمُ ذِكْرِ دَاوُدَ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ ذِكْرَ سُلَيْمَانَ إِذْ كَانَ مُلْكُهُ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ دَاوُدَ. وَلِأَنَّ فِي ذِكْرِ دَاوُدَ مَثَلٌ لِإِفَاضَةِ الْحِكْمَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَصَدِّيًا لَهَا. وَمَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ أَيَّامَ كَانَ فِيهِمْ أَحْبَارٌ وَعُلَمَاءُ فَقَدْ كَانَ دَاوُدُ رَاعِيًا غَنَمَ أَبِيهِ (يَسِّي) فِي بَيْتِ لَحْمٍ فَأَمَرَ اللَّهُ شَمْوِيلَ النَّبِيءَ أَنْ يَجْعَلَ دَاوُدَ نَبِيئًا فِي مُدَّةِ مُلْكِ