للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَرِجَةِ الَّتِي تَعْرِضُ لِلنَّفْسِ عِنْدَ كَرَاهِيَةِ شَيْءٍ فَيُحِسُّ الْمَرْءُ فِي مَجَارِي نَفَسِهِ بِمِثْلِ ضَيْقٍ عَرَضَ لَهَا. وَإِنَّمَا هُوَ انْضِغَاطٌ فِي أَعْصَابِ صَدْرِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ فِي آخِرِ سُورَةِ النَّحْلِ [١٢٧] .

وَالظَّرْفِيَّةُ مَجَازِيَّةٌ، أَيْ لَا تَكُنْ مُلْتَبِسًا وَمَحُوطًا بِشَيْءٍ مِنَ الضَّيْقِ بِسَبَبِ مَكْرِهِمْ.

وَالْمَكْرُ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [٥٤] . وَ (مَا) مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ من مَكْرهمْ.

[٧١- ٧٢]

[سُورَة النَّمْل (٢٧) : الْآيَات ٧١ إِلَى ٧٢]

وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٧١) قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (٧٢)

عَطْفٌ عَلَى وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً [النَّمْل: ٦٧] . وَالتَّعْبِيرُ هُنَا بِالْمُضَارِعِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَجَدُّدِ ذَلِكَ الْقَوْلِ مِنْهُمْ، أَيْ لَمْ يَزَالُوا يَقُولُونَ.

وَالْمُرَادُ بِالْوَعْدِ مَا أُنْذِرُوا بِهِ مِنَ الْعِقَابِ. وَالِاسْتِفْهَامُ عَنْ زَمَانِهِ، وَهُوَ اسْتِفْهَامُ تَهَكُّمٍ مِنْهُمْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

وَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِالْجَوَابِ عَنْ قَوْلِهِمْ لِأَنَّ هَذَا مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ وَمَنْ أَطْلَعَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ مِنْ عِبَادِهِ الْمُصْطَفَيْنَ.

وَالْجَوَابُ جَارٍ عَلَى الْأُسْلُوبِ الْحَكِيم بِحمْل استفهامهم عَلَى حَقِيقَةِ الِاسْتِفْهَامِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ حَقَّهُمْ أَنْ يَسْأَلُوا عَن وَقت الْوَعيد ليتقدموه بِالْإِيمَانِ.

وعَسى لِلرَّجَاءِ، وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّقْرِيبِ مَعَ التَّحْقِيقِ.

ورَدِفَ تَبِعَ بِقُرْبٍ. وَعُدِّيَ بِاللَّامِ هُنَا مَعَ أَنَّهُ صَالِحٌ لِلتَّعْدِيَةِ بِنَفْسِهِ لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى (اقْتَرَبَ) أَوِ اللَّامُ لِلتَّوْكِيدِ مِثْلَ شَكَرَ لَهُ. وَالْمَعْنَى: رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَرِيبَ الزَّمَنِ. وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى مَا سَيَحِلُّ بِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ.