للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَتَلَقَّاهُ الرُّسُلُ مِنْ جَانِبِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ حَقٌّ لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِخِلَافِهِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ الْحَدِيثُ فِيهِ مِنْ أَمْرِ الْبَعْثِ الَّذِي أَنْكَرُوهُ وَكَذَّبُوا بِمَا جَاءَ فِيهِ.

[٧٦]

[سُورَة النَّمْل (٢٧) : آيَة ٧٦]

إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٧٦)

إِبْطَالٌ لِقَوْلِ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ [النَّمْل: ٦٨] . وَلَهُ مُنَاسَبَةٌ بِقَوْلِهِ وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [النَّمْل: ٧٥] ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ وَحْيٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُلُّ مَا فِيهِ فَهُوَ مِنْ آثَارِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعْلِيمَ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا مِمَّا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فَهُوَ الْعِلْمُ الْحَقُّ إِذَا بَلَغَتِ الْأَفْهَامُ إِلَى إِدْرَاكِ الْمُرَادِ مِنْهُ عَلَى حَسَبِ مَرَاتِبِ الدَّلَالَةِ الَّتِي أُصُولُهَا فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ وَفِي عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ مِنْ تَحْقِيقِ أُمُورِ الشَّرَائِعِ الْمَاضِيَةِ وَالْأُمَمِ الْغَابِرَةِ مِمَّا خَبَطَتْ فِيهِ كُتُبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ خَبْطًا مِنْ جَرَّاءِ مَا طَرَأَ عَلَى كُتُبِهِمْ مِنَ التَّشَتُّتِ وَالتَّلَاشِي وَسُوءِ النَّقْلِ مِنْ لُغَةٍ إِلَى لُغَةٍ فِي عُصُورِ انْحِطَاطِ الْأُمَّةِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ، وَلِمَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْأُصُولِ الصَّرِيحَةِ فِي الْإِلَهِيَّاتِ مِمَّا يَكْشِفُ سُوءَ تَأْوِيلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِكَلِمَاتِ كِتَابِهِمْ فِي مُتَشَابِهِ التَّجْسِيمِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّكَ لَا تَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ مَا يُسَاوِي قَوْلَهُ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: ١١] . فَالْمَعْنَى: نَفْيُ أَنْ يَكُونَ أَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ بِإِثْبَاتِ أَنَّهُ تَعْلِيمٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَتَعْلِيمٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ. وَإِنَّمَا قَصَّ عَلَيْهِمْ أَكْثَرَ مَا اخْتَلَفُوا وَهُوَ مَا فِي بَيَانِ الْحَقِّ مِنْهُ نَفْعٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَعْرَضَ عَمَّا دُونَ ذَلِكَ. فَمَوْقِعُ هَذِهِ الْآيَةِ اسْتِكْمَالُ نَوَاحِي هَدْيِ الْقُرْآنِ لِلْأُمَمِ فَإِنَّ السُّورَةَ افْتُتِحَتْ بِأَنَّهُ هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يَعْمَهُونَ فِي ضَلَالِهِمْ فَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِهَدْيِهِ. فَاسْتَكْمَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ هَدْيِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِمَا يُهِمُّ

مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ.

وَالتَّأْكِيدُ بِ إِنَّ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي نَظَائِرِهِ. وَأَكْثَرُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ هُوَ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ إِبْطَالِ قَوْلِهِمْ فِيمَا يَقْتَضِي إِرْشَادُهُمْ إِلَى الْحَقِّ أَنْ يُبَيَّنَ لَهُمْ، وَغَيْرُ