للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْلَةُ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ عَنِ الْخَوْفِ. وَوَصْفُ قَوْمِ فِرْعَوْنَ بِالظَّالِمِينَ تَصْدِيقًا لِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ مُوسَى مِنْ رَوْمِهِمْ قَتْلَهُ قِصَاصًا عَنْ قَتْلٍ خَطَأٍ. وَمَا سَبَقَ ذَلِكَ مِنْ خَبَرِ عَدَاوَتِهِمْ عَلَى بني إِسْرَائِيل.

[٢٦- ٢٨]

[سُورَة الْقَصَص (٢٨) : الْآيَات ٢٦ إِلَى ٢٨]

قالَتْ إِحْداهُما يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٢٨)

حَذَفَ مَا لَقِيَهُ مُوسَى مِنْ شُعَيْبٍ مِنَ الْجَزَاءِ بِإِضَافَتِهِ وَإِطْعَامِهِ، وَانْتَقَلَ مِنْهُ إِلَى عَرْضِ إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ عَلَى أَبِيهَا أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِلْعَمَلِ فِي مَاشِيَتِهِ إِذْ لَمْ يكن لَهُم بَيتهمْ رَجُلٌ يَقُومُ بِذَلِكَ وَقَدْ كَبُرَ أَبُوهُمَا فَلَمَّا رَأَتْ أَمَانَتَهُ وَوَرَعَهُ رَأَتْ أَنَّهُ خَيْرُ مَنْ يُسْتَأْجَرُ لِلْعَمَلِ عِنْدَهُمْ لِقُوَّتِهِ عَلَى الْعَمَلِ وَأَمَانَتِهِ.

وَالتَّاءُ فِي أَبَتِ عِوَضٌ عَنْ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ فِي النِّدَاءِ خَاصَّةً وَهِيَ يَجُوزُ كَسْرُهَا وَبِهِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ. وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَبِهِ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ.

وَجُمْلَةُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ عِلَّةٌ لِلْإِشَارَةِ عَلَيْهِ بِاسْتِئْجَارِهِ، أَيْ لِأَنَّ مِثْلَهُ مَنْ يُسْتَأْجَرُ. وَجَاءَتْ بِكَلِمَةٍ جَامِعَةٍ مُرْسَلَةٍ مَثَلًا لِمَا فِيهَا مِنَ الْعُمُومِ وَمُطَابَقَةِ الْحَقِيقَةِ بِدُونِ تَخَلُّفٍ، فَالتَّعْرِيفُ بِاللَّامِ فِي الْقَوِيُّ الْأَمِينُ لِلْجِنْسِ مُرَادٌ بِهِ الْعُمُومُ. وَالْخِطَابُ فِي

مَنِ اسْتَأْجَرْتَ مُوَجَّهٌ إِلَى شُعَيْبٍ، وَصَالِحٌ لِأَنْ يَعُمَّ كُلَّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْخِطَابِ لِتَتِمَّ صَلَاحِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ لِأَنْ يُرْسَلَ مَثَلًا. فَالتَّقْدِيرُ: مَنِ اسْتَأْجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ. ومَنِ مَوْصُولَةٌ فِي مَعْنَى الْمُعَرَّفِ بِلَامِ الْجِنْسِ إِذْ لَا يُرَادُ بِالصِّلَةِ هُنَا وَصْفُ خَاصٍّ بِمُعَيَّنٍ.

وَجَعْلُ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ مُسْنَدًا إِلَيْهِ بِجَعْلِهِ اسْمًا لِأَنَّ جَعْلَ الْقَوِيُّ