للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والْكُنُوزِ: جَمْعُ كَنْزٍ وَهُوَ مُخْتَزَنُ الْمَالِ مِنْ صُنْدُوقٍ أَوْ خِزَانَةٍ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ فِي سُورَةِ هُودٍ [١٢] ، وَأَنَّهُ كَانَ يُقَدَّرُ بِمِقْدَارٍ مِنَ الْمَالِ مِثْلَ مَا يَقُولُونَ: بَدْرَةُ مَالٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يُجْعَلُ لِذَلِكَ الْمِقْدَارِ خِزَانَةٌ أَوْ صُنْدُوقٌ يَسَعُهُ وَلِكُلِّ صُنْدُوقٍ أَوْ خِزَانَةٍ مِفْتَاحُهُ. وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ الْعُقَيْلِيِّ أَحَدِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ قَالَ «يَكْفِي الْكُوفَةَ مِفْتَاحٌ» أَيْ مِفْتَاحٌ وَاحِدٌ، أَيْ كَنْزٌ وَاحِدٌ مِنَ الْمَالِ لَهُ مِفْتَاحٌ، فَتَكُونُ كَثْرَةُ الْمَفَاتِيحِ كِنَايَةً عَنْ كَثْرَةِ الْخَزَائِنِ وَتِلْكَ كِنَايَةٌ عَنْ وَفْرَةِ الْمَالِ فَهُوَ كِنَايَةٌ بِمَرْتَبَتَيْنِ مِثْلَ:

جَبَانُ الْكَلْبِ مَهْزُولُ الْفَصِيلِ (وَتَنُوءُ) : تَثْقُلُ. وَيَظْهَرُ أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِالْعُصْبَةِ بَاءُ الْمُلَابَسَةِ أَنْ تَثْقُلَ مَعَ الْعُصْبَةِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَهَا فَهِيَ لِشِدَّةِ ثِقَلِهَا تَثْقُلُ مَعَ أَنَّ حَمَلَتَهَا عُصْبَةٌ أُولُو قُوَّةٍ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْبَاءُ بَاءُ السَّبَبِيَّةِ كَالَّتِي فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:

وَأَرْدَفَ أَعْجَازًا وَنَاءَ بِكَلْكَلِ وَلَا كَمِثَالِ صَاحِبِ «الْكَشَّافِ» : نَاءَ بِهِ الْحِمْلُ، إِذَا أَثْقَلَهُ الْحِمْلُ حَتَّى أَمَالَهُ.

وَأَمَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَنَّ تَرْكِيبَ الْآيَةِ فِيهِ قَلْبٌ، فَلَا يَقْبَلُهُ مَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ.

وَالْعُصْبَةُ: الْجَمَاعَةُ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ يُوسُفَ. وَأَقْرَبُ الْأَقْوَالِ فِي مِقْدَارِهَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ مِنْ عَشْرَةٍ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ. وَكَانَ اكْتَسَبَ الْأَمْوَالَ فِي مِصْرَ وَخَرَجَ بِهَا.

إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ.

إِذْ ظَرْفٌ مَنْصُوبٌ بِفِعْلِ (بَغَى عَلَيْهِمْ) وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الظَّرْفِ الْقِصَّةُ وَلَيْسَ الْقَصْدُ بِهِ تَوْقِيتَ الْبَغْيِ وَلِذَلِكَ قَدَّرَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ مُتَعَلِّقًا بِ (اذْكُرْ) مَحْذُوفًا وَهُوَ الْمَعْنِيُّ فِي نَظَائِرِهِ مِنَ الْقَصَصِ.

وَالْمُرَادُ بِالْقَوْمِ بَعْضُهُمْ إِمَّا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ وَهُمْ أَهْلُ الْمَوْعِظَةِ وَإِمَّا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْقَوْمِ لِأَنَّ أَقْوَالَهُ قُدْوَةٌ لِلْقَوْمِ فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا قَوْلَهُ.