للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي تَقْدِيمِ جُمْلَةِ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ عَلَى جُمْلَةِ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى إِعْدَادٌ لِصَلَاحِيَةِ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ لِلْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورِينَ. فَهَذَا مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى مَعَانِي الْكَلَامِ بِمَوَاقِعِهِ وَتَرْتِيبِ نِظَامِهِ وَتَقْدِيمِ الْجُمَلِ عَنْ مَوَاضِعِ تَأْخِيرِهَا لِتَوْفِيرِ الْمَعَانِي.

[٨٦، ٨٧]

[سُورَة الْقَصَص (٢٨) : الْآيَات ٨٦ الى ٨٧]

وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ (٨٦) وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٨٧)

وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ.

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ [الْقَصَص: ٨٥] إِلْخَ بِاعْتِبَارِ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الْوَعْدِ بِالثَّوَابِ الْجَزِيلِ أَوْ بِالنَّصْرِ الْمُبِينِ، أَيْ كَمَا حَمَّلَكَ تَبْلِيغَ الْقُرْآنِ فَكَانَ

ذَلِكَ عَلَّامَةً عَلَى أَنَّهُ أَعَدَّ لَكَ الْجَزَاءَ بِالنَّصْرِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. كَذَلِكَ إِعْطَاؤُهُ إِيَّاكَ الْكِتَابَ عَنْ غَيْرِ تَرَقُّبٍ مِنْكَ بَلْ بِمَحْضِ رَحْمَةِ رَبِّكَ، أَيْ هُوَ كَذَلِكَ فِي أَنَّهُ عَلَامَةٌ لَكَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَا يَتْرُكُ نَصْرَكَ عَلَى أَعْدَائِكَ فَإِنَّهُ مَا اخْتَارَكَ لِذَلِكَ إِلَّا لِأَنَّهُ أَعَدَّ لَكَ نَصْرًا مُبِينًا وَثَوَابًا جَزِيلًا.

وَهَذَا أَيْضًا مِنْ دَلَالَةِ الْجُمْلَةِ عَلَى مَعْنًى غَيْرِ مُصَرَّحٍ بِهِ بَلْ عَلَى مَعْنًى تَعْرِيضِيٍّ بِدَلَالَةِ مَوْقِعِ الْجُمْلَةِ.

وَإِلْقَاءُ الْكِتَابِ إِلَيْهِ وَحْيُهُ بِهِ إِلَيْهِ. أَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَ الْإِلْقَاءِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ [٨٦، ٨٧] .

وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخَامِرْ نَفْسَهُ رَجَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ اللَّهُ بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِهِ بَلْ كَانَ ذَلِكَ مُجَرَّدَ رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ وَاصْطِفَاءٍ لَهُ.

فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ تَفْرِيعٌ عَلَى جُمْلَةِ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ [الْقَصَص: ٨٥] وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا وَمَا تَخَلَّلَ