للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالَّذِي يَبْدُو أَنَّهُمْ كَانُوا يصلونَ على النبيء إِذَا تَذكرُوا بعض شؤونه كَمَا كَانُوا يَتَرَحَّمُونَ عَلَى الْمَيِّتِ إِذَا ذَكَرُوا بَعْضَ مَحَاسِنِهِ. وَفِي «السِّيرَةِ الْحَلَبِيَّةِ» : «لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعْتَرَى عُمَرُ مِنَ الدَّهَشِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ وَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ بِمَا هُوَ مَعْلُومٌ قَالَ عُمَرُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى رَسُولِهِ وَعِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُ رَسُولَهُ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ: مَتَى يُحِلُّ الْمُعْتَمِرُ: عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ كُلَّمَا مَرَّتْ بِالْحَجُونِ «صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ لَقَدْ نَزَلْنَا مَعَهُ هَاهُنَا وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ خِفَافٌ» إِلَى آخِرِهِ.

وَفِي بَابِ مَا يَقُولُ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ مِنْ

«جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ» حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ عَنْ جَدَّتِهَا فَاطِمَةَ الْكُبْرَى قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ وَقَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ وَقَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ

، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ

حَسَنٌ وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ.

وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي «التَّارِيخِ الْكَامِلِ» فِي حَوَادِثِ سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ رَثَى مُحَمَّدًا النَّفْسَ الزَّكِيَّةَ بِأَبْيَاتٍ مِنْهَا:

وَاللَّهِ لَوْ شهد النبيء مُحَمَّدٌ ... صَلَّى الْإِلَهُ على النبيء وَسَلَّمَا

ثُمَّ أُحْدِثَتِ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَائِلِ الْكُتُبِ فِي زَمَنِ هَارُونَ الرَّشِيدِ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي «الْكَامِلِ» فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَذَكَرَهُ عِيَاضٌ فِي «الشِّفَاءِ» ، وَلَمْ يَذْكُرَا صِيغَةَ التَّصْلِيَةِ. وَفِي «الْمُخَصَّصِ» لِابْنِ سِيدَهْ فِي ذِكْرِ الْخُفِّ وَالنَّعْلِ: أَنَّ أَبَا مُحَلِّمٍ بَعَثَ إِلَى حَذَّاءٍ بِنَعْلٍ لِيَحْذُوَهَا وَقَالَ لَهُ: «ثُمَّ سُنَّ شَفْرَتَكَ وَسُنَّ رَأْسَ الْإِزْمِيلِ ثُمَّ سَمِّ بِاسْمِ اللَّهِ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ثُمَّ انْحُهَا» إِلَى آخِرِهِ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ إِتْبَاعَ اسْمَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ وَغَيْرِهَا كَانَ مَوْجُودًا فِي الْقَرْنِ الرَّابِعِ، وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى قِطْعَةٍ عَتِيقَةٍ مِنْ تَفْسِيرِ يَحْيَى بْنِ سَلَّامٍ الْبَصْرِيِّ مُؤَرَّخٍ نَسْخُهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ فَإِذَا فِيهَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيءِ عَقِبَ ذِكْرِهِ اسْمَهُ.