للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدُّرُوعِ بِالسَّابِغَاتِ وَالسَّوَابِغِ حَتَّى اسْتَغْنَوْا عِنْدَ ذِكْرِ هَذَا الْوَصْفِ عَنْ ذِكْرِ الْمَوْصُوفِ.

وَمَعْنَى قَدِّرْ اجْعَلْهُ عَلَى تَقْدِيرٍ، وَالتَّقْدِيرُ: جَعْلُ الشَّيْءِ عَلَى مِقْدَارٍ مَخْصُوصٍ.

والسَّرْدِ صُنْعُ دِرْعِ الْحَدِيدِ، أَيْ تَرْكِيبُ حَلَقِهَا وَمَسَامِيرِهَا الَّتِي تَشُدُّ شُقَقَ الدِّرْعِ بَعْضهَا بِبَعْض فَهِيَ للحديد كَالْخِيَاطَةِ لِلثَّوْبِ، وَالدِّرْعُ تُوصَفُ بِالْمَسْرُودَةِ كَمَا تُوصَفُ بِالسَّابِغَةِ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْب الْهُذَلِيُّ:

وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا ... دَاوُدُ أَوْ صَنَعَ السَّوَابِغِ تُبَّعُ

وَيُقَالُ لِنَاسِجِ الدروع: سرّاد وزرّاد بِالسِّينِ وَالزَّايِ، وَقَالَ الْمَعَرِّيُّ يَصِفُ دِرْعًا:

وَدَاوُدُ قَيْنَ السَّابِغَاتِ أَذَالَهَا ... وَتِلْكَ أَضَاةٌ صَانَهَا الْمَرْءُ تُبَّعُ

فَلَمَّا سَخَّرَ اللَّهُ لَهُ مَا اسْتَصْعَبَ عَلَى غَيْرِهِ أَتْبَعَهُ بِأَمْرِهِ بِالشُّكْرِ بِأَنْ يَعْمَلَ صَالِحًا لِأَنَّ الشُّكْرَ يَكُونُ بِالْعَمَلِ الَّذِي يُرْضِي المشك والمنعم.

وَضَمِيرُ اعْمَلُوا لِدَاوُدَ وَآلِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها [طه: ١٣٢] أَوْ لَهُ وَحْدَهُ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ.

وَقَوْلُهُ: إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ مَوُقِعُ «إِنَّ» فِيهِ مَوُقِعَ فَاءِ التَّسَبُّبِ كَقَوْلِ بَشَّارٍ:

إِنَّ ذَاكَ النَّجَاحَ فِي التَّبْكِيرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ.

وَالْبَصِيرُ: الْمُطَّلِعُ الْعَلِيمُ، وَهُوَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الْجَزَاءِ عَنِ الْعَمَل الصَّالح.

[١٢]

[سُورَة سبإ (٣٤) : آيَة ١٢]

وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ (١٢)

عَطْفُ فَضِيلَةِ سُلَيْمَانَ عَلَى فَضِيلَةِ دَاوُدَ لِلِاعْتِبَارِ بِمَا أُوتِيَهُ سُلَيْمَانُ مِنْ فَضْلٍ