للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اخْتُلِفَ فِي اشْتِقَاقِ سِبْطٍ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [١٦٠] عَنِ الزَّجَّاجِ: الْأَظْهَرِ أَنَّ السِّبْطَ عِبْرَانِيٌّ عُرِّبَ اهـ.

قُلْتُ: وَفِي الْعِبْرَانِيَّةِ سِيبَطُ بِتَحْتِيَّةٍ بَعْدَ السِّينِ سَاكِنَةٌ.

وَجُمْلَةُ: قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ: مَا تَعْبُدُونَ جَاءَتْ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُحَاوَرَاتِ بِدُونِ وَاوٍ وَلَيْسَتِ اسْتِئْنَافًا لِأَنَّ الِاسْتِئْنَافَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ الْكَلَامِ وَلَا تَمَامَ لَهُ قَبْلَ حُصُولِ الْجَوَابِ.

وَجِيءَ فِي قَوْلِهِ: نَعْبُدُ إِلهَكَ مُعَرَّفًا بِالْإِضَافَةِ دُونَ الِاسْمِ الْعَلَمِ بِأَنْ يَقُولَ نَعْبُدُ اللَّهَ لِأَنَّ إِضَافَةَ إِلَهٍ إِلَى ضَمِيرِ يَعْقُوبَ وَإِلَى آبَائِهِ تُفِيدُ جَمِيعَ الصِّفَاتِ الَّتِي كَانَ يَعْقُوبُ وَآبَاؤُهُ يَصِفُونَ اللَّهَ بِهَا فِيمَا لقنه لأبنائه مُنْذُ نَشْأَتِهِمْ، وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا سَكَنُوا أَرْضَ كَنْعَانَ وَفِلَسْطِينَ مُخْتَلِطِينَ وَمُصَاهِرِينَ لِأُمَمٍ تَعْبُدُ الْأَصْنَامَ مِنْ كَنْعَانِيِّينَ وَفِلَسْطِينِيِّينَ وَحِثِّيِّينَ وَأَرَامِيِّينَ ثُمَّ كَانَ مَوْتُ يَعْقُوبَ فِي أَرْضِ الْفَرَاعِنَةِ وَكَانُوا يَعْبُدُونَ آلِهَةً أُخْرَى. وَأَيْضًا فَمِنْ فَوَائِدِ تَعْرِيفِ الَّذِي يَعْبُدُونَهُ بِطَرِيقِ الْإِضَافَةِ إِلَى ضَمِيرِ أَبِيهِمْ وَإِلَى لَفْظِ آبَائِهِ أَنَّ فِيهَا إِيمَاءً إِلَى أَنَّهُمْ مُقْتَدُونَ بِسَلَفِهِمْ.

وَفِي الْإِتْيَانِ بِعَطْفِ الْبَيَانِ مِنْ قَوْلِهِمْ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ ضَرْبٌ مِنْ مُحَسِّنِ الِاطِّرَادِ تَنْوِيهًا بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ الْأَسْلَافِ كَقَوْلِ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرِ بْنِ قَعِينَ:

إِنْ يَقْتُلُوكَ فَقَدْ ثَلَلْتَ عُرُوشَهُمْ ... بِعُتَيْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ شِهَابٍ

وَإِنَّمَا أُعِيدَ الْمُضَافُ فِي قَوْلِهِ: وَإِلهَ آبائِكَ لِأَنَّ إِعَادَةَ الْمُضَافِ مَعَ الْمَعْطُوفِ عَلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ أَفْصَحُ فِي الْكَلَامِ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، وَإِطْلَاقُ الْآبَاءِ عَلَى مَا شَمِلَ إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ عَمٌّ لِيَعْقُوبَ إِطْلَاقٌ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ وَلِأَنَّ الْعَمَّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ.

وَقَدْ مَضَى التَّعْرِيفُ بِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ.

وَأَمَّا إِسْحَاقُ فَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْ إِسْمَاعِيلَ بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةٍ وَأُمُّهُ سَارَّةُ.

وُلِدَ سَنَةَ ١٨٩٦ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ وَأَلْفٍ قَبْلَ مِيلَادِ الْمَسِيحِ وَهُوَ جَدٌّ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أُمَمٍ تَقْرُبُ لَهُمْ.

وَالْيَهُودُ يَقُولُونَ: إِنَّ الِابْنَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ بِذَبْحِهِ وَفَدَاهُ اللَّهُ هُوَ إِسْحَاقُ، وَالْحَقُّ أَنَّ الَّذِي أُمِرَ بِذَبْحِهِ هُوَ إِسْمَاعِيلُ فِي صِغَرِهِ حِينَ لَمْ يَكُنْ لِإِبْرَاهِيمَ وَلَدٌ غَيْرُهُ لِيَظْهَرَ كَمَالُ

الِامْتِثَالِ