للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْأَجْرُ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنا فِي سُورَةِ الْقَصَصِ [٢٥] .

وَجُمْلَةُ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ أَنْ يَسْأَلَ

السَّامِعُ: كَيْفَ لَا يَكُونُ لَهُ عَلَى مَا قَامَ بِهِ أَجْرٌ، فَأُجِيبَ بِأَنَّ أَجْرَهُ مَضْمُونٌ وَعَدَهُ اللَّهُ بِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَقُومُ بِعَمَلٍ لِمَرْضَاتِهِ وَامْتِثَالِ أَمْرِهِ فَعَلَيْهِ أَجْرُهُ.

وَحَرْفُ عَلَى يَقْتَضِي أَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ وَذَلِكَ بِالنَّظَرِ إِلَى وَعْدِهِ الصَّادِقِ، ثُمَّ ذَيَّلَ ذَلِكَ بِاسْتِشْهَادِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى بَاطِنِهِ وَنِيَّتِهِ الَّتِي هِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْكَائِنَاتِ الَّتِي اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَيْهَا، وَعَلِيمٌ بِخَفَايَاهَا فَهُوَ مِنْ بَابِ: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ [الرَّعْد: ٤٣] أَيْ وَهُوَ شَاهِدٌ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ.

وَالْأَجْرُ: عِوَضٌ نَافِعٌ عَلَى عَمَلٍ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ.

وَقَرَأَ نَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ يَاءَ أَجْرِيَ مَفْتُوحَةً. وَقَرَأَهَا ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ سَاكِنَةً، وَهُمَا وَجْهَانِ مِنْ وُجُوهِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ فِي الْإِضَافَة.

[٤٨]

[سُورَة سبإ (٣٤) : آيَة ٤٨]

قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٤٨)

لَا جَرَمَ إِذِ انْتَهَى الِاسْتِدْلَالُ وَالْمُجَادَلَةُ أَنْ يُنْتَقَلَ إِلَى النِّدَاءِ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ بِظُهُورِ الْحَقِّ فَيُسْتَغْنَى عَنْ مُجَادَلَتِهِمْ.

وَأُعِيدَ فِعْلُ قُلْ لِلِاهْتِمَامِ بِالْمَقُولِ كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ آنِفًا.

وَالتَّأْكِيدُ لِتَحْقِيقِ هَذَا الْخَبَرِ.

وَالتَّعْبِيرُ عَنِ اسْمِ اللَّهِ بِلَفْظِ الرَّبِّ وَإِضَافَتُهُ إِلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ لِلْإِشَارَةِ أَنَّ الْحَقَّ فِي جَانِبِهِ وَأَنَّهُ تَأْيِيدٌ مِنْ رَبِّهِ فَإِنَّ الرَّبَّ يَنْصُرُ مَرْبُوبَهُ وَيُؤَيِّدُهُ. فَالْمُرَادُ بِالرُّبُوبِيَّةِ هُنَا رُبُوبِيَّةُ الْوَلَاءِ وَالِاخْتِصَاصِ لَا مُطْلَقُ الرُّبُوبِيَّةِ لِأَنَّهَا تَعُمُّ النَّاسَ كُلَّهُمْ.

وَتَقْدِيمُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْمُسْنَدِ الْفِعْلِيِّ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ دُونَ التَّقَوِّي لِأَنَّ تَقَوِّيَ الْجُمْلَةِ حَصَلَ بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ. وَهَذَا الِاخْتِصَاصُ بِاعْتِبَارِ مَا فِي يَقْذِفُ