للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْفَاعِلُ جَمْعًا لِمَا لَا يَعْقِلُ وَهُوَ الْأَلْوَانُ كَانَ حَذْفُ التَّاءِ فِي مِثْلِهِ جَائِزًا فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَآثَرَهُ الْقُرْآنُ إِيثَارًا لِلْإِيجَازِ.

وَالْمُرَادُ بِالثَّمَرَاتِ: ثَمَرَاتُ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ وَغَيْرِهَا، فَثَمَرَاتُ النَّخِيلِ أَكْثَرُ الثَّمَرَاتِ أَلْوَانًا، فَإِنَّ أَلْوَانَهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَطْوَارِهَا، فَمِنْهَا الْأَخْضَرُ وَالْأَصْفَرُ وَالْأَحْمَرُ وَالْأَسْوَدُ.

وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ.

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ فَهِيَ مِثْلُهَا مُسْتَأْنَفَةٌ، وَعَطْفُهَا عَلَيْهَا لِلْمُنَاسَبَةِ الظَّاهِرَةِ.

وجُدَدٌ مُبْتَدَأٌ وَمِنَ الْجِبالِ خَبَرُهُ. وَتَقْدِيمُ الْخَبَرِ لِلِاهْتِمَامِ وَلِلتَّشْوِيقِ لِذِكْرِ الْمُبْتَدَأِ حَثًّا عَلَى التَّأَمُّلِ وَالنَّظَرِ.

ومِنَ تَبْعِيضِيَّةٌ عَلَى مَعْنَى: وَبَعْضُ تُرَابِ الْجِبَالِ جُدَدٌ، فَفِي الْجَبَلِ الْوَاحِدِ تُوجَدُ جُدَدٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُ الْجُدَدِ بَعْضُهَا فِي بَعْضِ الْجِبَالِ وَبَعْضٌ آخَرُ فِي بَعْضٍ آخَرَ.

وجُدَدٌ: جَمْعُ جُدَّةٍ بِضَمِّ الْجِيمِ، وَهِيَ الطَّرِيقَةُ وَالْخُطَّةُ فِي الشَّيْءِ تَكُونُ وَاضِحَةً فِيهِ. يُقَالُ لِلْخُطَّةِ السَّوْدَاءِ الَّتِي عَلَى ظَهْرِ الْحِمَارِ جُدَّةٌ، وَلِلظَّبْيِ جُدَّتَانِ مِسْكِيَّتَا اللَّوْنِ تَفْصِلَانِ بَيْنَ لَوْنَيْ ظَهْرِهِ وَبَطْنِهِ، وَالْجُدَدُ الْبِيضُ الَّتِي فِي الْجِبَالِ هِيَ مَا كَانَتْ صُخُورًا بَيْضَاءَ مِثْلَ الْمَرْوَةِ، أَوْ كَانَتْ تَقْرُبُ مِنَ الْبَيَاضِ فَإِنَّ مِنَ التُّرَابِ مَا يَصِيرُ فِي لون الأصهب فَيُقَالُ:

تُرَابٌ أَبْيَضُ، وَلَا يَعْنُونَ أَنَّهُ أَبْيَضُ كَالْجِيرِ وَالْجِصِّ بَلْ يَعْنُونَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِغَالِبِ أَلْوَانِ التُّرَابِ، وَالْجُدَدُ الْحُمْرُ هِيَ ذَاتُ الْحِجَارَةِ الْحَمْرَاءِ فِي الْجِبَالِ.

وغَرابِيبُ جَمْعُ غِرْبِيبٍ، وَالْغِرْبِيبُ: اسْمٌ لِلشَّيْءِ الْأَسْوَدِ الْحَالِكِ سَوَادُهُ، وَلَا تُعْرَفُ لَهُ مَادَّةٌ مُشْتَقٌّ هُوَ مِنْهَا، وَأَحْسَبُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْجَامِدِ، وَهُوَ الْغُرَابُ لِشُهْرَةِ الْغُرَابِ بِالسَّوَادِ.

وسُودٌ جَمْعُ أَسْوَدَ وَهُوَ الَّذِي لَوْنُهُ السَّوَادُ.