للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سُورَة الصافات (٣٧) : الْآيَات ٦٢ إِلَى ٦٨]

أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢) إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣) إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (٦٥) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٦٦)

ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ (٦٧) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (٦٨)

اسْتِئْنَافٌ بَعْدَ تَمَامِ قِصَّةِ الْمُؤْمِنِ وَرِفَاقِهِ قُصِدَ مِنْهُ التَّنْبِيهُ إِلَى الْبَوْنِ بَيْنَ حَالِ الْمُؤْمِنِ

وَالْكَافِرِ جَرَى عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي تَعْقِيبِ الْقَصَصِ وَالْأَمْثَالِ بِالتَّنْبِيهِ إِلَى مَغَازِيهَا وَمَوَاعِظِهَا.

فَالْمَقْصُودُ بِالْخَبَرِ هُوَ قَوْلُهُ: إِنَّا جَعَلْناها، أَيْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ إِلَى آخِرِهَا. وَإِنَّمَا صِيغَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْأُسْلُوبِ لِلتَّشْوِيقِ إِلَى مَا يَرِدُ فِيهِ.

وَالِاسْتِفْهَامُ مُكَنًّى بِهِ عَنِ التَّنْبِيهِ عَلَى فَضْلِ حَالِ الْمُؤْمِنِ وَفَوْزِهِ وَخَسَارِ الْكَافِرِ. وَهُوَ خِطَابٌ لِكُلِّ سَامِعٍ.

وَالْإِشَارَةُ بِ أَذلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَالِ الْمُؤْمِنِينَ فِي النَّعِيمِ وَالْخُلُودِ، وَجِيءَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ مُفْرَدًا بِتَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ، بِعَلَامَةِ بُعْدِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ لِتَعْظِيمِهِ بِالْبُعْدِ، أَيْ بُعْدِ الْمَرْتَبَةِ وَسُمُوِّهَا لِأَنَّ الشَّيءَ النَّفِيسَ الشَّرِيفَ يُتَخَيَّلُ عَالِيًا وَالْعَالِي يُلَازِمُهُ الْبُعْدُ عَنِ الْمَكَانِ الْمُعْتَادِ وَهُوَ السُّفْلُ، وَأَيْنَ الثُّرَيَّا مِنَ الثَّرَى.

وَالنُّزُلُ: بِضَمَّتَيْنِ، وَيُقَالُ: نُزْلٌ بِضَمٍّ وَسُكُونٍ هُوَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ: الْمَكَانُ الَّذِي يَنْزِلُ فِيهِ النَّازِلُ، قَالَهُ الزَّجَاجُ. وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ «اللِّسَانِ» وَصَاحِبُ «الْقَامُوسِ» ، وَأُطْلِقَ إِطْلَاقًا شَائِعًا كَثِيرًا عَلَى الطَّعَامِ الْمُهَيَّأِ لِلضَّيْفِ لِأَنَّهُ أُعِدَّ لَهُ لِنُزُولِهِ تَسْمِيَةً بِاسْمِ مَكَانِهِ نَظِيرَ مَا أَطْلَقُوا اسْمَ السُّكْنِ بِسُكُونِ الْكَافِ عَلَى الطَّعَامِ الْمُعَدِّ لِلسَّاكِنِ الدَّارِ إِذِ الْمَسْكَنُ يُقَالُ فِيهِ:

سَكْنٌ أَيْضًا. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّاغِبُ غَيْرَهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ النُّزُلِ هُنَا طَعَامَ الضِّيَافَةِ فِي الْجَنَّةِ.