للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَبَقَ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ [٧٤] .

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ. وَقَوْلُهُ: إِلْ ياسِينَ قِيلَ أُرِيدَ بِهِ إِلْيَاسُ خَاصَّةً وَعبر عَنهُ بياسين لِأَنَّهُ يُدْعَى بِهِ. قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : وَلَعَلَّ لِزِيَادَةِ الْأَلِفِ وَالنُّونِ فِي لُغَتِهِمْ مَعْنًى وَيَكُونُ ذِكْرُ آلِ إِقْحَامًا كَقَوْلِهِ: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ [غَافِر: ٤٦] عَلَى أَحَدِ التَّفْسِيرَيْنِ فِيهِ، وَفِي قَوْلِهِ: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ [النِّسَاء: ٥٤] .

وَقِيلَ: إِنَّ يَاسِينَ هُوَ أَبُو إِلْيَاسَ. فَالْمُرَادُ: سَلَامٌ عَلَى إِلْيَاسَ وَذَوِيهِ مِنْ آلِ أَبِيهِ.

وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ إِلْ يَاسِينَ بِهَمْزَةٍ بَعْدَهَا أَلِفٌ عَلَى أَنَّهُمَا كَلِمَتَانِ إِلْ وَ (يَاسِينَ) . وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ دُونَ أَلِفٍ بَعْدَهَا وَبِإِسْكَانِ اللَّامِ عَلَى أَنَّهَا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ اسْمُ إِلْيَاْسَ وَهِيَ مَرْسُومَةٌ فِي الْمَصَاحِفِ كُلِّهَا عَلَى قِطْعَتَيْنِ إِلْ يَاسِينَ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ لِأَنَّ آلَ قَدْ تُرْسَمُ مَفْصُولَةً عَنْ مَدْخُولِهَا. وَالْأَظْهَرُ أَن المُرَاد

بآل يَاسِينَ أَنْصَارُهُ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَأَعَانُوهُ كَمَا

قَالَ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «آلُ مُحَمَّدٍ كُلُّ تَقِيٍّ»

(١) .

وَهَؤُلَاءِ هُمْ أَهْلُ (جَبَلِ الْكَرْمَلِ) الَّذِينَ اسْتَنْجَدَهُمْ إِلْيَاسُ عَلَى سَدَنَةِ بَعْلٍ فَأَطَاعُوهُ وَأَنْجَدُوهُ وَذَبَحُوا سَدَنَةَ بَعْلٍ كَمَا هُوَ مَوْصُوفٌ بِإِسْهَابٍ فِي الْإِصْحَاحِ الثَّامِنِ عَشَرَ مِنْ سِفْرِ الْمُلُوكِ الْأَوَّلِ. فَيَكُونُ الْمَعْنَى: سَلَامٌ عَلَى يَاسِينَ وَآلِهِ، لِأَنَّهُ إِذَا حَصَلَتْ لَهُمُ الْكَرَامَةُ لِأَنَّهُمْ آلُهُ فَهُوَ بِالْكَرَامَةِ أَوْلَى.

وَفِي قِصَّةِ إِلْيَاسَ إِنْبَاءٌ بِأَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ أَدَاءُ الرِّسَالَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُشَاهِدَ عِقَابَ الْمُكَذِّبِينَ وَلَا هَلَاكَهُمْ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالُوا: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [يُونُس: ٤٨] قَالَ تَعَالَى: قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ [الْمُؤْمِنُونَ: ٩٣- ٩٥] ، وَقَالَ تَعَالَى:

فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ [غَافِر: ٧٧] وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ [مَرْيَم: ٤٠] .

[١٣٣- ١٣٦]


(١) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «الْأَوْسَط» بِسَنَد ضعّفوه.