للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالِاسْتِفْهَامُ الْمُوَجَّهُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّوْبِيخِ وَالزَّجْرِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ بَعْدَهُ: ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ.

ومِنْكُمْ صِفَةٌ لِ رُسُلٌ، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْوَصْفِ التَّوَرُّكُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ [الْقَمَر: ٢٤] ، وَالتِّلَاوَةُ: قِرَاءَةُ الرِّسَالَةِ وَالْكِتَابِ لِأَنَّ الْقَارِئَ يَتْلُو بَعْضَ الْكَلَامِ بِبَعْضٍ، وَأَصْلُ الْآيَاتِ: الْعَلَامَاتُ مِثْلُ آيَاتِ الطَّرِيقِ. وَأُطْلِقَتْ عَلَى الْأَقْوَالِ الدَّالَّةِ عَلَى الْحَقِّ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْأَقْوَالُ الْمُوحَى بِهَا إِلَى الرُّسُلِ مِثْلُ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَالْقُرْآنِ، وَأَخَصُّهَا بِاسْمِ الْآيَاتِ هِيَ آيَاتُ الْقُرْآنِ لِأَنَّهَا اسْتَكْمَلَتْ كُنْهَ الْآيَاتِ بِاشْتِمَالِهَا عَلَى عِظَمِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْحَقِّ وَإِذْ هِيَ مُعْجِزَاتٌ بِنَظْمِهَا وَلَفْظِهَا، وَمَا عَدَاهُ يُسَمَّى آيَاتٌ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاكَلَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ الرَّجْمِ: أَنَّ الْيَهُودِيَّ الَّذِي أَحْضَرَ التَّوْرَاةَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، وَلِأَنَّ فِي مَعَانِي كَثِيرٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ مَا فِيهِ دَلَائِلُ نَظَرِيَّةٌ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ وَالْبَعْثِ وَنَحْوِهَا مِنَ الِاسْتِدْلَالِ.

وَأُسْنِدَتِ التِّلَاوَةُ إِلَى جَمِيعِ الرُّسُلِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَيْسَ لَهُ كِتَابٌ، عَلَى طَرِيقَةِ التَّغْلِيبِ.

وَإِضَافَةُ (يَوْمِ) إِلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمْ فِيهِ

كَقَوْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطْبَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ «كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا»

فَالْإِضَافَةُ قَائِمَةٌ مَقَامَ التَّعْرِيفِ بِ (أَلْ) الْعَهْدِيَّةِ.

وَجَوَابُهُمْ بِحَرْفِ بَلى إِقْرَارٌ بِإِبْطَالِ الْمَنْفِيِّ وَهُوَ إِتْيَانُ الرُّسُلِ وَتَبْلِيغُهُمْ فَمَعْنَاهُ إِثْبَاتُ إِتْيَانِ الرُّسُلِ وَتَبْلِيغِهِمْ.

وَكلمَة الْعَذابِ هِيَ الْوَعِيدُ بِهِ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ كَمَا فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ [الصافات: ٣١] أَيْ تَحَقَّقَتْ فِينَا، فَالتَّعْرِيفُ فِي كَلِمَةُ الْعَذابِ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ لِإِضَافَتِهَا إِلَى مَعْرِفَةٍ بِلَامِ الْجِنْسِ، أَيْ كَلِمَاتُ.