للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُجَرَّدَ التَّأْكِيدِ. وَاقْتِصَارُ الْقَزْوِينِيُّ فِي «تَلْخِيصِ الْمِفْتَاحِ» عَلَى إِفَادَةِ ضَمِيرِ الْفَصْلِ الِاخْتِصَاصَ تَقْصِيرٌ تَبِعَ فِيهِ كَلَامَ «الْمِفْتَاحِ» وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ سَعْدُ الدِّينِ فِي «شَرْحِهِ عَلَى التَّلْخِيصِ» .

وَالْمُرَادُ بِالْقُوَّةِ الْقُوَّةُ الْمَعْنَوِيَّةُ وَهِيَ كَثْرَةُ الْأُمَّةِ وَوَفْرَةُ وَسَائِلِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الْغَيْرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً [فصلت: ١٥] .

وَجُمْلَةُ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً إِلَخْ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِتَفْصِيلِ الْإِجْمَالِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالتَّفْرِيعِ بَعْدَهَا بِقَوْلِهِ:

فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ مِنْهُمْ بِضَمِيرِ الْغَائِبِ، وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ مِنْكُمْ بِضَمِيرِ خِطَابِ الْجَمَاعَةِ وَكَذَلِكَ رُسِمَتْ فِي مُصْحَفِ الشَّامِ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ جَارِيَةٌ عَلَى طَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ.

وَالْآثَارُ: جَمَعُ أَثَرٍ، وَهُوَ شَيْء أَوْ شَكْلٌ يَرْسِمُهُ فِعْلُ شَيْءٍ آخَرَ، مِثْلُ أَثَرِ الْمَاشِي فِي الرَّمْلِ قَالَ تَعَالَى: فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ [طه: ٩٦] وَمِثْلُ الْعُشْبِ إِثْرَ الْمَطَرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها [الرّوم: ٥٠] ، وَيُسْتَعَارُ الْأَثَرُ لِمَا يَقَعُ بَعْدَ شَيْءٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ [الْكَهْف: ٦] .

وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ: أَرْضُ أُمَّتِهِمْ.

وَالْفَاءُ فِي فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ لِتَفْرِيعِ الْأَخْذِ عَلَى كَوْنِهِمْ أَشَدَّ قُوَّةً مِنْ قُرَيْشٍ لِأَنَّ الْقُوَّةَ أُرِيدَ بِهَا هُنَا الْكِنَايَةُ عَنِ الْإِبَاءِ مِنَ الْحَقِّ وَالنُّفُورِ مِنَ الدَّعْوَةِ، فَالتَّقْدِيرُ: فأعرضوا، أَو فَكَفرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ.

وَالْأَخْذُ: الِاسْتِئْصَالُ وَالْإِهْلَاكُ كُنِّيَ عَنِ الْعِقَابِ بِالْأَخْذِ، أَوِ اسْتُعْمِلَ الْأَخْذُ مَجَازًا فِي الْعِقَابِ.

وَالذُّنُوبُ: جَمَعُ ذَنْبٍ وَهُوَ الْمَعْصِيَةُ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْإِشْرَاكُ وَتَكْذِيبُ الرُّسُلِ،