للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَعْرَضَ عَنِ السَّبِيلِ وَمَنَعَ قَوْمَهَ اتِّبَاعَ السَّبِيلِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَعَاصِمٌ بِضَمِّ الصَّادِ.

وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي: زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ.

وَتَعْرِيفُ السَّبِيلِ لِلْعَهْدِ، أَيْ سَبِيلُ اللَّهِ، أَوْ سَبِيلُ الْخَيْرِ، أَوْ سَبِيلُ الْهُدَى. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيفُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْكَمَالِ فِي النَّوْعِ، أَيْ صَدٌّ عَنِ السَّبِيلِ الْكَامِلِ الصَّالِحِ.

وَجُمْلَةُ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ، وَالْمُرَادُ بِكَيْدِهِ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ بِنَاءِ الصَّرْحِ وَالْغَايَةِ مِنْهُ، وَسُمِّيَ كَيْدًا لِأَنَّهُ عَمَلٌ

لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ ظَاهِرُهُ بَلْ أُرِيدُ بِهِ الْإِفْضَاءُ إِلَى إِيهَامِ قَوْمِهِ كَذِبَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَالتِّبَابُ: الْخُسْرَانُ وَالْهَلَاكُ، وَمِنْهُ: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [المسد: ١] ، وَحَرَّفُ الظَّرْفِيَّةِ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ لِمَعْنَى شِدَّةِ الْمُلَابَسَةِ كَأَنَّهُ قِيلَ: «وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْن إلّا بتباب شَدِيدٍ» . وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ أَحْوَال مقدرَة.

[٣٨- ٤٠]

[سُورَة غَافِر (٤٠) : الْآيَات ٣٨ إِلَى ٤٠]

وَقالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ (٣٨) يَا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ (٣٩) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ (٤٠)

هَذَا مَقَالٌ فِي مَقَامٍ آخَرَ قَالَهُ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، فَهَذِهِ الْمَقَالَاتُ الْمَعْطُوفَةُ بِالْوَاوِ مَقَالَاتٌ مُتَفَرِّقَةٌ. فَابْتَدَأَ مَوْعِظَتَهُ بِنِدَائِهِمْ لِيَلْفِتَ إِلَيْهِ أَذْهَانَهُمْ وَيَسْتَصْغِيَ أَسْمَاعَهُمْ، وَبِعُنْوَانِ أَنَّهُمْ قَوْمُهُ لِتُصْغِيَ إِلَيْهِ أَفْئِدَتُهُمْ.